من إصابة غيري لها على فراشي [ق ٥ أ] وأن هذا الولد من تلك الإصابة ما هو مني، فإذا أكمل لعانه انتفي عنه النسب ولم تلاعن المرأة بعده؛ لأن هذا اللعان لا يوجب الحد عليها؛ لأنه قد أثبت وطء شبهة لا يوجب الحد، ولعانها مقصور على إسقاط الحد، وهو اختيار مشايخ الخرسان.
والثاني: وبه قال المزني وهو مخرج من كلام محتمل للشافعي أنه لا يجوز أن يلاعن منه حتى يتضمنه قذف يوجب الحد؛ لأن اللعان مقام خزي فلم يجز إلا أن يكون مثله، ولأن فحوى الكتاب ونص السنة جاءت بمثله، فعلى هذا في كيفية قذفه وجهان:
أحدهما: تصريح الزنى حكام أبو حامد.
والثاني: لمعارض الزنى كقوله: فجرت بوطئ غيري، أو وطئت وطئًا حرامًا لئلا يصرح بتكذيب نفسه، وهذا أشبه، فإن وقع الاقتصار منه على معاريض القذف بتلفظ في لعانه كقوله: أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من وطء الفجور، أو من وطء الحرام، وأن هذا الولد ما هو مني ولا يلزمها أن تلاعن بعده سواء أضاف الفجور إليها أو إلى الوطئ، لأنه كتابه لا يوجب الحد، وإن قلنا: لابد من القذف الصريح، فإن قذفها لاعن ولا عنت.
وقوله في الأول: لا أقذفها لا يمنع من قذفها، لأن الرجل قد يمتنع عن قذف شخص ولو قذفه كان صادقًا، وإن قذفه دونها لاعن ولم تلاعن بعده، وإن قذفها دونه لاعن ولاعنت بعده؛ لأن لعانه من قذفها موجب للحد عليها فلم يسقط إلا بلعانها، ولعانه من قذف الواطئ وحده موجب للحد عليها فلم يحتج فيه إلى اللعان.
والخامسة: أن يقول: وطئك فلان بشبهة وكنت عالمة بأنه أجنبي، فههنا قذفها دونه فيجوز على مذهب الشافعي [ق ٥ ب] أن يلاعن لنفي النسب وسقوط الحد؛ لأن هذا الوطء مفسد لفراشه على ما ذكرنا.
وقال أبو حامد: لا يلاعن لنفي النسب؛ لأن وطء شبهة وفي حق الرجل يوجب لحقوق الولد به إن ألحقته القافة فينتفي عنه بغي لعان، وقد أبطلنا هذا.
والسادسة: أن يقول فلان: أكرهك على الوطء، أو وطئك وأنت نائمة ولست بزانية، وما هذا الولد مني، فههنا قذفه ولم يقذفها يجوز أن يلتعن بهذا القذف وينفي ولدها سواء سمي المكره أم لا.
وحكي المزني في جامعة الكبير: إن سمي المكره لاعن، وإن لم يسمه لا يلاعن لأن الحد يجب عليه إذا سماه ولا يجب إذا لم يسمه. واللعان عندنا لا يجوز إلا في قذف يوجب الحد، قال الإمام صاحب "الحاوي" نظرت في جامعة الكبير فلم أره مصرحًا بذلك، وإن كان كلامه محتملًا، فإن صح عنه هذا فهو باطل لأمرين: