للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه لفظ يحتمل القذف وغيره، وهو أنه يريد أن ثلاثًا قذفناك فلست بابنه، فإذا لم يكن قاذفًا سألناه عن مراده، فإن قال: أردت أم أمه أتت به من زنى فقد قذف أمه، فإن كانت محصنة يلزم الحد، وإن كانت نصرانية أو أمة فعليه التعزير، وإن قال: ما أردت أن أمه زنت وإنما أردت أن أباه قد نفاه باللعان نظر، فإن صدقته أمه فيما فسره فلا شيء عليه، وإن كذبته وقالت: هل أردت قذفي؟ فالقول قول لأنه أعرف نيته، فإن حلف برئ من الحد ولكنه يعزر للأذى؛ لأنه ليس له أن يحدد عليه ذكر نفيه، وإن نكل رددنا اليمين عليه، فإن حلف ثبت أنه قذفها فإما أن يكون عليه الحد [ق ٦ ب] إن كانت محصنة أو التعزير إن لم تكن محصنة، ثم قال الشافعي: ولو قال ذلك بعد أن أقَرَّ به الذي نفاه وحُدَّ إن كانت امرأته حرة إن طلبت الحد والتعزير إن كانت نصرانية أو أمة، فجعل هذا قذفًا لأمه في الظاهر إذا كان الملاعن أكذب نفسه واستلحق نسبه.

قال المزني: قد قال في الرجل يقول لابنه: لست بابني أنه ليس بقاذف لأمه حتى يسأل، لأنه قد يمكن أن يعزيه إلى حلال.

واختلف أصحابنا فيه على طرق:

إحداها: أنه ينقل الجواب من كل واحدةٍ من المسألتين إلى الأخرى فيخرج على قولين، واختار المزني لا يكون قذفًا فيهما للاحتمال.

والثانية: أنه يحتمل النصان على ظاهرهما ففي الأجنبي يكون قذفًا لها بخلاف الأب، والفرق أن الأب لا يستغني عن تأديب ولده تارة بالكلام وتارة بالضرب، فربما يقول: هذه المقالة ومراده زجر وتأديب وتغليظ عليه، فلهذا جعلناه من جهته كناية. وأما الأجنبي فقد أغناه الله تعالى عن مخاطبة ولد الأجنبي بمثل هذه المقالة فجعلنا منه قذفًا صريحًا ظاهرًا، وهذا اختيار القفال وهو حسن.

والثالثة: أنه لا فرق بينهما ويكون قذفًا منهما في الكلام، والذي قاله المزني في الأب إذا قال ذلك قبل استقرار نسبة حال وصفه، فإنه يحتمل أن يكون معناه أنها لم تلد ولكنها استعادته أو التقطته، وإن قال الأب ذلك بعد استقرار نسبه يكون قذفًا لها. ويحكى هذا عن أبي إسحاق.

والرابعة: أنه لا فرق بينهما ويكون كناية معًا في الظاهر، يحكى أن هذا عن أبي إسحاق وهو ضعيف؛ لأن الشافعي فرق بينها وبين ذلك بعد الاستلحاق أو قبل الاستلحاق وفي كونه كناية لا فرق.

فإذا تقرر هذا وجعلناه قذفًا لها في الظاهر [ق ٧ أ] من الأجنبي فقال: أردت أنك لم تكن ابن فلان حين قال بلعانه، وإن صرت ابنًا له بعد الإقرار يُقبل مع يمينه ولا يلزمه الحد لإمكان ما قال، فإن قيل: أليس لو قال: يا زانية ثم قال: أردت زنى العين لم يُقبل؟ قيل: لأنه قذف صريح في الظاهر والباطن فلم ينو، وههنا تعريض بقذف في الظاهر دون الباطن فجاز مع الاحتمال أن ينوي. وإن كان الابن ثابت النسب لم يجز عليه لعان يقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>