أحس هذا كان قذفًا في الظاهر والباطن لأنه لا احتمال فيه، نص عليه الشافعي.
وحكي المزني عنه في الأب أنه إذا قال لابنه: لست بابني لا يكون قذفًا فاختلف أصحابنا فيه على طرق:
أحدها: فيها قولان:
أحدهما: أنه صريح منهما بالقذف.
والثاني: لا يكون صريحًا لأنه يحتمل أنه ليس ابنه للاختلاف في الأفعال والأخلاق، فعلى هذا ماذا حكمه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يكون قذفًا في الظاهر دون الباطن اعتبارًا بالأغلب من حاليه، فعلى هذا يؤاخذ بالحد إلا أن يقول: لم أرد به القذف وحلف.
والثاني: أنه كناية ينوي فيه ولا يحد إلا أن يريد به القذف بخلاف المستلحق، والفرق أن المستلحق لما اعتل نسبه باللعان صار الظاهر من نفيه قذف ابنه وغيره لم يعتل نسبه، فصار الظاهر من نفيه مخالفة أبيه في أفعاله وأخلاقه.
والثانية: وهو اختيار ابن أبي هريرة يحمل المصاف على ظاهرهما والفرق ما ذكرنا.
والثالثة: الذي قال لا يكون قذفًا إذا لم يكن عند ولادته قبل استقرار نسبه فلا يكون قذفًا منهما والذي قال: يكون قذفًا منهما والفرق أن النسب ضعيف قبل استقراره بخلاف ما بعد استقراره وهو اختيار أبي إسحاق.
إذا قذف زوجته ونفي النسب ثم أتته بولد بعد هذا النفي لا يخلو إما أن يكون لاعن على الولد أو على الحمل، فإن كان لعانه على الولد مثل أن يقذفها وهي حامل فلم يلاعن حتى وضعت ثم لاعنها ونفاه، أو قذفها بعد الوضع ونفاه ثم أتت بولدٍ بعد هذا الولد لا يخلو إما أن تأتي بالثاني لدون ستة أشهر من وضع الأول أو لستة أشهر، فإن كان لدون ستة أشهر فهو الأول حمل واحد؛ لأن الله تعالى أجرى العادة إذا كان بينهما دون ستة أشهر أن لا يكونا إلا من ماء رجلٍ واحدٍ ولا يجوز أن يكونا من ماء رجلين، فإن أراد نفي الثاني فعليه أن يلتعن حتى ينفيه؛ لأنه أفرد ففي الأول باللعان فلا يكون نفيًا للثاني احتياطًا للنسب، فإنَّا إذا عرضنا عليه اللعان ربما يمتنع فيلحقه الولدان جميعًا، ولهذا نقول: يلحق النسب بالإقرار وربما يستدل به على الإقرار من السكوت