للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باللعان الأول فلا يجعل مكذبًا نفسه، ولا يكون كأنه لم يلاعن أصلًا، ويفارق هذا إذا كانت الولادة بعد البينونة بالطلاق أو غيره فنفاه باللعان بعد الولادة، ثم جاءت بولد آخر لأقل من ستة أشهر، وقال: لا ألاعن لنفي الولد الثاني يلزمه الحد لأن لعانه لم يعمل إلا عملًا واحدًا، وإذا أبطله بالامتناع من نفي الثاني باللعان جعل كأنه لم يلاعن ويلزمه الحد، وهذا حسن لم يذكره غيره.

مسألة:

قَالَ: "وَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ فَأَقَرَّ بِأحدهما وَنَفي الآخَرَ فَهُمَا ابْنَاهُ".

الفصل:

المسألة مفروضة فيه إذا ولدتهما معًا في وقت واحدٍ، أو أحدهما بعد الآخر وبينهما أقل من ستة أشهر فهما حمل واحد، فإن أقر الزوج بأحدهما ونفي الآخر لحقه معًا؛ لأن الكل حمل واحد، فإذا ألحق بعضه لحق كله، وإن نفاهما معًا باللعان ثبت نسبهما من أمهما وزال نسبهما منه فيرثان أمهما ولا يرثانه. وأما التوارث فيما بينهما إذا مات أحدهما، قد ذكرنا فيما تقدم وقيل: في هذا وفي الولدين من زنا في بطن واحد إذا مات أحدهما ثلاثة أوجه:

أحدها: أن أخاه يرثه بقرابة الأم في المسألتين جميعًا.

والثاني: يرثه بقرابة الأب والأم، وهو اختيار الداركي لأنهما مخلوقان من ماء رجل واحد، ولا يكون الحمل الواحد إلا من رجل واحد، فإن قيل: لما كانت القرابة منقطعة بينهما وبين الواطئ فكذلك القرابة منقطعة بينهما من جهة الواطئ، قلنا: الشريعة [ق ٨ أ] قطعت القرابة من الواطئ تغليظًا عليه لما ارتكب من المعصية، وهذا كما يقول الأب القائل لا يرث ابنه ويرث أخوه بقرابة الأب والأم؛ لأن المانع يخص الأب دون الأخوين كذلك ههنا.

والوجه الثالث: أنه يفرق بين ولدي الملاعنة وبين ولدي الزنى، فيرث الأخ من ولدي الملاعنة بقرابة الأب والأم جميعًا، ومن ولدي الزنى بقرابة الأم دون قرابة الأب، لأن ولدي الزنا لا يجوز أن يكون لهما أب، فإنه لو أكذب نفسه وأقرَّ به حلفناه، وهكذا حكاه القاضي الطبري عن ابن أبي هريرة وصاحب الإفصاح، والصحيح الأول وهو المشهور من مذهب الشافعي؛ لأنه لا أب لهما وإذا لم يكن لهما أب لم يجز أن يكون أخًا من الأب، لأن الإخوة فرع الأبوة فإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع.

وأما قوله: إنه لا يتعدى الأب تغليظًا عليه لا يصح؛ لأنه لو كان كذلك لوجب أن يرثه الابنان بالبنوة ولا يرثهما بالأبوة تغليظًا عليه، فلما كان الإرث منقطعًا من الجهتين

<<  <  ج: ص:  >  >>