للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموضع، ثم قال في المختصر: ولو نفي ولدها باللعان، ثم ولدت آخر بعده بيوم فأقر به لزماه جميعًا [ق ١٠ أ] وقد شرحنا حكمه فيما قبل، ثم قال: وقال بعض الناس -يعني أبا حنيفة- لو مات أحدهما قبل اللعان لاعن ولزمه الولدان وهما عندنا وعنده حمل واحد فكيف يلاعن ويلزمه الولدان؟ قال من قبل: إنه قد ورث الميت منهما، قيل له: ومن زعم أنه يرثه بل إذا لاعن نفي عنه الولدان ولا ميراث له من الميت، وقد ذكرنا هذا أيضًا.

مسألة:

قَالَ: "وَقَالَ أَيْضًا: "لَوْ نَفَاهُ بِاللَّعَانِ وَمَاتَ الْوَلَدُ فَادَّعَاهُ الأَبُ ضُرِبَ الحَدَّ وَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلَمْ يَرِثَهُ الأَبُ".

الفصل:

هذه حكاية مذهب أبي حنيفة أنه قال: إذا ولدت ولدًا ونفاه باللعان ومات الولد ثم أكذب نفسه وأقرَّ به لا يقبل إقراره ولا يلحق نسبه ولا يرثه، إلا أن يكون خلف ولدًا فحينئذٍ يقبل ويرث، وعندنا إذا أكذب نفسه وأقرَّ به يلحقه سواءً خلف ولدًا أو لم يخلف ترك له مالًا أو لم يترك، ذكرًا أو أنثى والدليل على صحة هذا أن هذا ولد نفاه باللعان، فكان له استلحاقه كما لو كان حيًا أو كان له ولد، ويؤكده أن الأنساب لا تموت بموت الأشخاص وللميت نسب كما للحي نسب، ولا يصح مايقول أصحاب أبي حنيفة: إن الحي يحتاج إلى النسب والميت لا يحتاج إليه إذ ليست الأنساب إلى الحاجة وإنما الأنساب بالوجود.

واحتج الشافعي فقال: لا فرق بين أن يترك ولدًا أو لم يتركه؛ لأن هذا الولد المنفي إذا مات فنفي السبب ثم أقرَّ به لم يعد إلى النسب؛ لأنه فارق الحياة بحال فلا ينتقل عنها فلذلك ابن المنفي في معنى المنفي وهذا إلزام عليه.

ثم قال: وهو لا يكون ابنًا بنفسه فكيف يكون ابنه بالولد المنفي الذي قد انقطع نسب الحي منه والذي ينقطع به نسب الحي [ق ١٠ ب] ينقطع به نسب الميت، لأن حكمهما واحد وأراد بهذا الكلام أن إلحاقه به موجب كونه حاقدًا لهذا الرجل ولا يكون حاقدًا إلا بثبوت نسب الواسطة قد مات ونسبه منقطع عندك ولو لم يكن هذا الحاقد موجودًا لم يعد عندك نسب ذلك الميت، فكيف يعود نسب إلحاقه وكيف يجوز أن يصير الأصل تبعًا للفرع؟ ثم نقول لأبي حنيفة أيضًا: إن كانت العلة عندك أنه يتهم باختلاف الميراث فهو محال إذ لا يتهم أحدًا بأنه يلتزم الحد والعار ليرث ولأنه التهمة موجودة إذا خلف ولدًا وثبت النسب بإقراره ولأنه إذا مات معسرًا فالتهمة غير موجودة وعندكم لا يلحقه نسبه ولأنه يتهم باستلحاق الحي الموسر عند إعساره للاحتياج إلى النفقة ويلحقه مع ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>