على ظاهره، فلا يقتصر عليه ويلزم التفحص لحقه، وإنما إذا ارتد المقذوف قلنا: قال القاضي الطبري: يحتمل أن يقال: يسقط الحد عن القاذف. فخرج فيه وجهًا آخر، وبه قال أبو حنيفة: والمشهور أنه لا يسقط به الحد عن القاذف، والفرق أن الردة لا تدل على تقدم الزني وليست من جنسه، والردة يظهرها المرتد فلا يخفيها والزني يخفيه الزاني فافترقا.
وأما ما ذكر المزني لا يصح؛ لأن حكم الزني لا يتعلق إلا بفعل الزنى فلا يحكم بالزني قبل الزنى، والعفة والفسق على العقائد والضمائر، ألا ترى أن رجلاً لو غصب جارية فزنى بها وعنده أنه غاصب زاني (ق ٢٣ أ) ثم استبان له أن المغصوبة مملوكية حكمنا بفسقه على قصده واعتقاده لا لصورة فعله، فكذلك لما زنت هذه المقذوفة غلب على القلب أنها كانت قبل ذلك على قصد الزنى لو تمكنت ولم تكن عفيفة القصد، فكان طعنًا فيها وسقط حد القاذف.
فإذا تقرر هذا، قال الشافعي في هذه المسألة:"أو وطئت وطئًا حرامًا". قال أبو حامد: الواطئ الحرام على أربعة أضرب:
أحدها: وطء حرام لم يصادف ملكًا ولا شبهة ملك، مثل وطء المحارم بالنكاح، أو جارية الأم فيوجب الحد وتسقط الحصانة ولا يجب الحد على قاذفه.
والثاني: وطء حرام صادف ملكًا ولكنه حرام لعارض يزول كالحيض والنفاس والإحرام والعدة من غيره، فلا يجب به الحد ولا يسقط به الإحصان ولا يسقط الحد به عن قاذفه.
والثالث: وطء حرام صادف ملكًا إلا أنه ارتفع تحريمه بحال كوطء المحارم بملك اليمين فهل يجب به الحد؟ قولان:
فإن قلنا: يجب به الحد لم يجب الحد على قاذفه وسقط إحصانه.
وإن قلنا: لا يجب به الحد حد القاذف ولا يسقط إحصانه، وهو اختيار القاضي الطبري.
والرابع: وطء حرام في غير ملكه سقط الحد فيه للشبهة، مثل أن يزوج بلا ولي ولا شهود، أو نكاح متعة فوطئ أو وطئ جارية ابنه، ووطئ على ظن أنها زوجته أو أمته لا يلزمه الحد ويلحقه النسب منه، وهل يسقط إحصانه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يسقط لأنه وطئ محرم لم يصادف ملكًا للزنى، وهو اختيار أبي إسحاق وهذا أيضًا وطء سقط الدح فيه عن الوطء بالشبهة فسقط الحد به (ق ٢٣ ب) عن القاذف للشبهة.
والثاني: لا يسقط إحصانه لأنه وطء يلحق به النسب ولا يجب به الحد، كوطء الزوجة في حال الحيض.