إذا شهد شاهدان علي رجل أنه قذفها وقذف امرأته لم تجز شهادتهما في حق أنفسهما ولا في حق الزوجة؛ لأنهما قد صارا عدوين له بقولهما قذفنا.
قال الشافعي:" إلاَّ أَنْ يَعْفو قَبْل أَنْ يَشْهَدَا وَيُري مَا بَيْنهُ وَبَيْنُهمَا حَسَناً فَيَجُوزَا". قال أصحابنا: وإذا كان كذلك لا فرق بين أن يشهدا للأجنبية بانفرادها وبين أن يشهدا لهما ولأنفسهما، فإن شهادتهما للأجنبية مقبولة قولاً واحداً؛ لأنهم شهدا لهما وهما عدلان لا عداوة بينهما، وأما إذا شهدا بأنه قذفها وقذف الأجنبية فرد الحاكم شهادتهما ثم عفوا عن حقهما وحسن الحال بينهما وبينه أعادا تلك [ق ٣٣ أ] الشهادة للأجنبية لم تُقبل شهادتهما؛ لأن الشهادة إذا ردت بالاجتهاد ولم تُقبل بحالٍ، وثبت الرد علي التأبيد كما لو رد الحاكم شهادة الفاسق، ثم أعادها بعد التوبة لا تُقبل، وفي المسألة الأولي لم ترد شهادتهما للتهمة، بل منعنا قبول شهادتهما في الأول للعداوة فإن فإذا زالت العداوة قبلناها، فإن شهد أنه قذف زوجته، ثم قالا بعد ذلك بمدة: وقذفنا نحن أيضاً فأخبرا عن العداوة بعد الشهادة عليه بالقذف، فإن كان قولهما وقذفنا أيضاً بعد أن حكم الحاكم بشهادتهما لم ينقص حكمه، وإن [كان] ذلك منهما قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها، وأصله أن إظهار العداوة بعد إقامة الشهادة كالفسق بعد إقامتها، فإن فسقا بعد الحكم لم يضر، وإن كان قبل الحكم لا يحكم كذلك العداوة مثله.
فرع:
لو شهد ابناه عليه أنه قذف أمهما، وقذف أجنبية، قال في " الأم": لم تُقبل شهادتهما للأم وقبلت للأجنبية". قال أصحابنا: وفيه قول آخر أن الشهادة إذا ردت في البعض ردت في الكل لا تُقبل شهادتهما للأجنبية أيضاً، فحصل قولان. والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها هناك لا تُقبل للأجنبية قولاً وذلك أنا رددنا شهادتهما هناك لأجل العداوة فرددنا في الكل وهنا رددنا للتهمة فاختص الرد بموضع التهمة علي أحد القولين، موضوع التهمة وهو الشهادة للأم دون الأجنبية. وحكي صاحب "الإفصاح" عن بعض أصحابنا أنه قال: كلا المسألتين علي قولين وهذا غلط، والفرق ظاهر.
فرع آخر:
قال القفال تفريعاً علي ما ذكرنا: لو شهدنا أنه قذف زوجتيهما وقذف أجنبية، وقلنا: