والثانية: أنها تستأنف قولاً واحدًا؛ لأنها فسخت النكاح وهي زوجته ومتى استأنفت أكملت العدة، وإذا أكملت فيه طريقان على ما ذكرنا.
وقال في "الحاوي": إذا فسخت بالعتق هل يكون فسخها قاطعًا لرجعة الزوج وجهان:
أحدهما: لا تقطع رجعته؛ لأنها من أحكام طلاقه. فعلى هذا إن راجع الزوج وقعت الفرقة بالفسخ دون الطلاق، فيكون ابتداء عدتها من وقت الفسخ وتعتد عدة حرة؛ لأنها بدأت بالعدة وهي حرة، وإن لم يراجع فالفرقة وقعت بالطلاق دون الفسخ فيكون أول عدتها من وقت الطلاق، وقد بدأت وهي امة، ثم صارت حرة فهل تعتد عدة أمة أو حرة؟ قولان:
والثاني: الفسخ قطع رجعة الزوج عنها لأنها غير مؤثرة في الإباحة، فمنع كما منع من رجعة المرتدة. فعلى هذا هل يغلب في الفرقة حكم الطلاق أو حكم الفسخ وجهان:
أحدهما: يغلب حكم الطلاق لتقدمه [فعلى هذا هل تعتد عدة أمة أو عدة حرة؟ على ما مضى من القولين.
والثاني: يغلب حكم الفسخ لقوته] فعلى هذا تعتد عدة حرة قولاً واحدًا لأن الفسخ ما وقع إلا بعد الحرية، ولكنها تبني على ما مضى من وقت الطلاق ولا تبتدئها من وقت الفسخ؛ لأن الفسخ قد أبطل الرجعة فلم يجز أن يطول به العدة.
وهذه طريقة حسنة ولو طلقها زوجها، ثم أعتقت في العدة، ثم طلقها ثانيًا بعد الحرية هل تبنى على عدتها أم تستأنف؟ طريقان على ما ذكرنا؛ لأن وقوع الطلاق في حال الحرية بمنزلة وقبوع الفسخ في حال الحرية لا فرق بينهما.
صورة المسألة أنه طلق امرأته الحرة فمضى لها قرء مثلاً، ثم راجعها زوجها ولم يصبها حتى طلقها، نقل المزني أنها تبني على العدة الأولى؛ لأنها مطلقة لم تمس هكذا علل الشافعي، ومعناه لم تمسس بعد استحداث التمليك، وهذا قوله القديم، وبه قال مالك. قال المزني: هذا غلط بل عدتها من الطلاق الثاني؛ لأنه لما راجعها بطلت عدتها وصارت في معناها المتقدم بالعقد الأول لا بنكاح مستقبل، فهي في معنى من ابتدأ