للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلاقها مدخولاً، وهذا قول الشافعي في الجديد، وقد ذكره الشافعي في باب إفراد الشافعي لهذه المسألة ونص فيه على قولين، وبه قال أبو حنيفة، وهو الأصح لما ذكر المزني من الدليل.

وقال داود: سقطت العدة وحلت للأزواج؛ لأن الطلاق الأول ارتفع بالرجعة فسقطت بقية العدة، ثم طلقها ثانيًا من غير إصابة، وهذا خلاف الإجماع ويؤدي إلى اختلاط المياه وفساد الأنساب، وإن نكح المرأة في يوم واحد عشرين زوجًا ولو راجعها، ثم وطئها، ثم طلقها لا يختلف المذهب أنها تستأنف العدة من الطلاق الثاني، ولو خالفها، ثم نكحها، ثم طلقها قبل الدخول بها بنت على عدتها الأولى قولاً واحدًا، وبه قال محمد.

وقال أبو حنيفة: تستأنف العدة وتكمل مهرها، وقد مضى هذا فيما قبل وهو غلط ظاهر لأن الخلع يوقع البينونة فلا يمكن ضم الحالة الثانية إلى الأولى لتحلل البينونة بينهما ولا يمكن إيجاب عدة مستأنفة لأنه طلاق قبل الدخول فلم يبق إلا البناء على العدة الأولى [ق ٧٥ ب] وحكي عن المزني أنه قال: لا يجوز المخالع نكاح المختلعة قبل انقضاء عدتها منه كما لا يجوز لغيره، وهذا خطأ لأنه لا يصان ماءه ولو طلقها طلقة رجعية، ثم راجعها، ثم خالعها، فإن قلنا: الخلع طلاق هل تستأنف العدة أو تبنى قولان على ما ذكرنا.

وإن قلنا الخلع فسخ فيه طريقان:

أحدهما: أنه كالطلاق أيضًا.

والثانية: أن الفسخ جنس يخالف جنس الطلاق فاقتضى اختلافهما أن لا تبنى عدة أحدهما على الآخر بل تستأنف العدة بعد الخلع قولاً واحدًا ولو طلقها طلقة أخرى قبل أن يراجعها فالمذهب أنها تأتي ببقية عدتها ولا تستأنف من الطلاق الثاني قولاً واحدًا.

ومن أصحابنا من قال فيه قولان أيضًا.

أحدهما: تستأنف لأن الشافعي لما ذكر الاستئناف في أحد قوليه إذا راجعها، ثم طلقها قال: فمن قال بهذا لزمته أن يقول ارتجع ولم يرتجع سواء، وهذا غلط وليس هذا بتفريع على هذا القول بل تشنيع على من قال بهذا القول، وهو اختيار أبي إسحاق وقال القفال: الصحيح أن في هذه المسألة قولين أيضًا لأن الشافعي قال: فيمن قال لامرأته: كلما ولدت ولدًا فأنت طالق فولدت ثلاثة تطلق ثنتين بالأول وتنقضي عدتها بالثالث.

وقال في الإملاء: طلقت ثلاثًا واستأنفت العدة بالأقراء وهنا لا يخرج إلا على هذا القول وهو انه متى لحقها طلقة استانفت العدة فتقع الطلقة الثالثة بين العدتين، وإن لم يكن بينهما زمان يشار غليه كما لو قال: أنت طالق بين الليل والنهار فإذا غربت الشمس أو طلع الفجر طلقت ولا زمان بينهما ليس من أحدهما وهذا اختيار الأصطخري، وابن خيران ولو مات عنها [ق ٧٦ أ] في خلال عدتها وهي رجعية تستأنف عدة الوفاة قولاً

<<  <  ج: ص:  >  >>