ذكر ههنا حكم البائنة في عدتها هل تبني على عدة أمة أو تكمل عدة حرة؟ فيه قولان، وقد ذكرنا ذلك واختار أنها تعتد عدة حرة، واحتج الشافعي به لهذا القول، وهو أن المرأة إذا كانت تعتد بالشهور فرأت الأقراء انتقلت إلى الأقراء، وأنت المسافر إذا أقام في أثناء صلاته يصلي صلاة مقيم، وهذا الذي ذكره صحيح فلا يحتاج إلى جوابه.
ثمَّ قَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزَ لِمَنْ دَخَلَ فِي صَوْمِ ظِهَارٍ، ثُمَّ وَجَدَ رَقَبَةً أَنْ يَصُومَ [وَهُوَ مِمَّنْ يَجِدُ وَيُكَفُرُ بِالصِّيَامِ] وَلاَ لِمَنْ دَخَلَ فِي الَصَّلاَةِ بِالتَّيَمُّم ثُمَّ يَجِدُ المْاءَ أَنْ يُصَلِّي بِالتَّيَمُّم كَمَا قَالَ لاَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي عِدَّتِهَا مِمَّنْ تَحِيضُ وَتَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ" وقد سوى الشافعي في ذلك بين ما دخل فيه المرء وبين ما لم يدخل فيه، فجعل المستقبل فيه كالمستدبر، يعني أنه جعله كالمسافر الذي نوى المقام في خلال صلاته أن يجعله كمن وجد الماء قبل الشروع في صلاته، ويلزمه أن يقول فيمن صام بعض الأيام عن الظهار، ثم وجد الرقبة أن ينتقل على الرقبة كمن وجد الرقبة قبل الشروع في الصيام. والجواب أن المسافر إذا نوى المقام في خلال صلاته فأمرناه بالإتمام لم تبطل عليه ما مضى من صلاته، ولو كلفنا المقيم الماء والظاهر العتق أبطلنا على كل واحد منهما ما مضى من العبادتين، فلا تصح هذه الموازنة والجمع. ومثل هذا الجواب في مسألة [ق ٧٦ ب] الحيض، والشهور لا تستمر مع المزني إلا على مذهب من يقول: تعتد بها بما مضى قرءًا إذا حاضت قبل إكمال الشهور، فلا يبطل عليها فيما مضى من شهورها.
ثُمَّ قَالَ: "وَالطَّلاَقُ إِلَى الرَّجَالِ وَالعِدَّةُ بِالنَّسَاءِ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَعْنَى القُرْآنِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الأَثَرِ، زَمَا عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ فِيمَا سِوَى هَذَا مِنْ أَنَّ الأَحْكَامَ تُقَامُ عَلَيْهِمَا" وهذه المسألة مضت في كتاب الرجعة، ومقصوده الرد على أبي حنيفة حيث اعتبر الطلاق بالنساء، ولا شك أن العدة بالنساء، فعدة الحرة ثلاثة أقراء سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وعدة الأمة قرءان سواء كان زوجها حرًا أو عبدًا، وأراد بمعنى القرآن قوله تعالى:{والْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] ولم يفصل بين أن