للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا ولاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: ١٤٢] متقدمة على قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [البقرة:١٤٤] وقيل: في تقديم الناسخة فائدة، وهو أن لا يعتقد حكم المنسوخة قبل العلم بنسخها.

فإن قيل: فليس بين الآيتين تعارض فكيف تنسخ إحداهما الأخرى؟ قلنا: المراد بهذه الآية جميع العدة بالإجماع ولهذا جعل فيها الكسر فوجد التعارض.

وأما السنة ما روى حميد بن نافع، عن زينب بنت أبي سلمة قالت: سمعت أم سلمة رضي الله عنها [ق ٧٧ ب] تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن ابنتي توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عيناها أفنكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يقول "لا" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول "قال حميد: فقلت لزينب وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها قطنت حفشًا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبًا حتى تمر بها سنة، ثم تؤتي بدابة الحمار أو شاة، فتفتض به فقلما تفتض بشيء إلا مات يعني لطول أظفارها ثم تخرج فتعطي بعرة فترمى بها، ثم تراجع بعدما شاءت من طيب أو غيره.

وسئل مالك: ما تفتض؟ فقال: تمسح به جلدها، وقال القتيبي: معناه تكسر ما يبنى فيه من العدة بطائر تمسح به قبلها وتنبذه فلا يكاد يعيش، وهو من فضضت الشيء إذا كسرته أو فرقته ومنه فض خاتم الكتاب. والحفش البيت الدليل الصغير من الشعر والبناء وغيره.

وقال الأزهري: الحفش البيت الصغير القصير السمك، ومنه الخبر: ألا جلس في حفيشة أمه. الخبر ومعنى رمتها بالبعرة، أي وكأنها تقول: جلوسي في البيت وحبسي نفسي سنة كالرمية بالبعرة في حب ما كان يجب من حق الزوج أو ما لاقته في الحول من الشدة هين في عظم حقك علي كهوان هذه البعرة. وقيل: معناه اديت حقك وألقيته عني كما تلقاه هذه البعرة على قبر الزوج.

وروى الشافعي: فتقبض بالقاف والباء والصاد. قال الشافعي: [ق ٧٨ أ] والقبض أن تؤخذ من الدابة موضعًا بأطراف أصابعها، والقبض: الأخذ بالكف كلها. وقيل في رواية الشافعي فتقبض بالضاد، وهو القبض بالكف، وإنما روي يقبض لأن القبض بالكف يؤول إلى القبض الذي هو الكسر فعبر عنه عما يؤول إليه. ذكره في "الحاوي". وروي: "قد كانت إحداهن تمكث في شر أحلاسها أو شر بيتها، فإذا كان حول فمر كلب رمته ببعرة وإن لا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر".

<<  <  ج: ص:  >  >>