وابن عباس رضي الله عنهما، فذكروا المرأة المتوفي عنها زوجها وهي حامل، قال أبو سلمة: فقلت: إذا وضعت حملها فقد حلت، فقال ابن عباس: أجلها آخر الأجلين، فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة- فبعثوا كريبًا مولى ابن عباس إلى أم سلمة فسألها عن ذلك فقالت أم سلمة: إن سبيعة بنت الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها بليال فخطبها رجل من بني عبد الدار يدعى أبا السنابل وأخبرها أنها قد حلت فأراد أن تتزوج بغيره، فقال أبو السنابل: إنك لم تحلي فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج.
وروى مسروق، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: من شاء لاعنته أنزلت سورة النساء القصرى بعد أربعة أشهر وعشرٌ، يعني بسورة النساء القصرى سورة الطلاق، يريد أن نزول هذه السورة إنما كان بعد نزول سورة البقرة، وقد ذكر في سورة الطلاق حكم الحامل فقال:{وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤] وفي البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤] وظاهر هذا الكلام منه يدل على أنه حمله على النسخ وليس كذلك، بل إحدى الآيتين مرتبة على الأخرى فالآية في سورة البقرة في عدد الحوامل، والآية التي في سورة الطلاق في عدد الحوائل، والله أعلم.
وإن كانت حاملًا اعتدت بأربعة أشهر وعشرة أيام، وبه قال: كافة العلماء، وقال الأوزاعي: وعشر ليال فتنقضي العدة بطلوع الفجر من اليوم العاشر، وهذا غلط؛ لأن الليالي إذا أطلقت يقتضي دخول الأيام معها فحمل الظاهر عليها [ق ٧٩ ب].
فإن قيل: لما حذف الباء في قوله وعشر دل على أنه أراد وعشر ليال لأن عدد المؤنث في الآحاد محذوف الهاء، قيل: العرب تحذف الهاء في عدد المؤنث والذكور فتقول: سرنا عشرًا وهو يريد عشرة أيام كما نقول: سرنا عشرًا وهو يريد عشر ليال.
فإذا تقرر هذا لا فرق بين أن يموت عنها قبل الدخول أو بعده، ولا فرق بين أن تكون صغيرة أو كبيرة.
وروى عن ابن عباس أنه قال: لا عدة عن المتوفي عنها قبل الدخول. قياسًا على الطلاق، وقد تفرد بهذا القول، وهذا غلط لأن الآية عامة في الكل، وإنما خصصنا قوله تعالى:{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨] بالمدخول بها بحكم آية أخرى منصوصة وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب: ٤٩]، ولم يرد ههنا مثل هذا ولا يمكن تخصيصها بالقياس على المطلقة؛ لأن يمكن للزوج تكذيبها ونفي الولد عن نفسه باللعان إن أتت به بخلاف المتوفي عنها، فاحتاط الشرع فيها، وأيضًا المقصود من عدة الطلاق الاستبراء والمقصود من عدة الوفاة التعبد وإظهار الحزن لانقطاع الوصلة