للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان يبينها وهذا أحب الأشياء التي يحوز له من أجلها إخراجها. فإن قال قائل: ينبغي أن تؤخروا إلى انقضاء عدتها كما تؤخر لشدةً الحر والبرد. قلنا: الفرق أن العدةً لا تؤثر في الحد فلا يصح من استيفائه، وشدةُ الحر والبرد (ق ١٠١ ب) تؤثر فيه فيعينان على تلف المحدود، والقصد منه التأديب دون الإتلاف، فأخرنا إلى أن يزولا. وقال في "الحاوي": حُدت بلا خلاف، وهل تغرب قل انقضاء العدةً؟ وجهان:

أحدهما: لا تغرب [إلا بعد انقضاء العدة] تغليبًا لحق الزوج في تحصين مائه.

والثاني: تغرب حولًا إلى أحصن المواضع ويراعي تحصينها في التغريب في بقيةً العدةً، فإن استكملت حد التغريب قبل انقضاء العدةً وجب ردها إلى منزلها لتقضي فيه بقية العدةً.

مسألة:

قال: "ويكتري عليه إذا غاب".

إذا طلقها ولا مسكنٍ له حين الطلاق، فإن كان الزوج حاضرًا أمر، أن يكتري لها مسكنًا تعتد فيه، فإن امتنع أجبره عليه؛ لأنه حق لها فإن امتنع اكترى الحاكم من ماله عليه، كما قلنا في الدين إذا امتنع من أدائه. وإن كان غائبًا فإن وجد له مالًا اكترى من ماله، وإن لم يكن له مال ظاهر اقترض عليه واكترى لها وحصنها فيه حتى تنقضي عدتها، فإذا عاد رجع عليه بما استقرض له، وإذا كان بها مال يمكنها أن تكتري منه فأذن لها في ذلك جاز ورجعت عليه إذا عاد؛ لأنها إذا اكترت لنفسها اكترت حيث ترى، لأنا اكترى لها السلطان اكترى حيث يرى هو، فإن اكترت هي من غير إذن الحاكم وأمكنها أن تستأذن الحاكم فلم تفعل، كانت متبرعًا لا ترجع به، وإن لم [يكن] حاكم فاستقرضت أو أدت الكرى من مال نفسها وأشهدت بذلك فهل ترجع على زوجها؟ وجهان. وأصل هذه المسألة مسألة الجمال إذا هرب، وقد ذكرناها في "كتاب الإجارةً".

مسألة:

قال: "ولا نعلم أحدًا بالمدينةً فيما مضى أكري منزلًا، إنما كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم وبأموالهم مع منازلهم".

معنى هذا أن الحاكم (ق ١٠٢ أ) لا يكتري إذا كان بالمدينةً فإنه يجد السكنى بغير عوض، وإنما يكتري في البلد الذي لا يجد لها سكنى بغير عوض. ونظيره ما قال في رزق المؤذن إن وجد متطوعًا لم يرزق أحدًا على الأذان، وإن لم يجد جاز له أن يرزق. وقيل: لما قال: "ويكتري عيه إذا غاب" ألزم نفسه سؤالًا فقال: "لم يثبت عن رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>