الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابةً أنهم اكتروا على غائب منزلا)) فكيف تأمر بالاكتراء؟ وأجاب عن هذا بأنه إنما لم يفعل؛ لأن أهل المدينةً كانوا يتطوعون بها على ما ذكرنا.
ومن أصحابنا من قال: قصد به الرد على أبي حنيفةً ومالك، حيث قالا: لا يجوز بيع رباع مكةً ولا إجارتها؛ لأنا لا نعلم أحدًا بمكةً اكترى منزلًا. فقال الشافعي: باطل المدينة، فإن رباعها مملوكةً ولا نعلم أحدًا بالمدينةً اكترى منزلًا. ثم بين العلةً فقال: كان أهل مكةً وأهل المدينة عربًا يأبون إكراء المنازل، فلا يدل هذا على كون رباعها غير مملوكةً وهذا بعيد. ومن أصحابنا من قال: عطف هذا على قصةُ فاطمةً بنت قيس وقد ذكرناها، فما اكترى لها على زوجها؛ لأن أهل المدينةً كانوا يتطوعون بإنزال منازلهم، فكأنه ألزم نفسه قصة فاطمةً حيث قال:((لم يكتر لها)) ثم انفصل عنه بهذا فقال: إنما لم يكتر لأن عادتهم التطوع لا لأنه ما وجب، ولا لأنه لا يجوز أن يكتري عليه لها.
ومن أصحابنا من قال: ذكر الشافعي هذا على القول الذي يقول: لا سكنى للمتوفى عنها- ثم قال:((إن تطوع الورثةً بالإسكان لزمها أن تسكن،، ثم قال: ((إن كانت بالمدينةً فعليها أن تسكن يكل حالٍ؛ لأنها تجد المسكن بغير أجرة)) وهذا أيضًا بعيد.
مسألة:
قال:"وإن تكارت فطلبت الكراء كان لها من يوم يطلبه وما مضى حق تركته" معناه أنها إذا اكترت لنفسها موضعًا (ق ١٠٢ ب) وسكنت ولم تطالب الزوج بالسكنى ثم جاءت تطالب بها. قال الشافعي:((كان لها من حين تطالب به)). وقال في ((النفقة)): ((إذا أسلمت نفسها ولم تطالب بالنفقةً كان لها أن تطالب بما مضى من نفقتها ولا تسقط بترك المطالبةً، وكذلك المبتوتةً الحامل إذا جعلنا لها النفقةً فلم تطالب بها كان لها أن تطالب بما مضى)). فمن أصحابنا من قال: في كلا المسألتين قولان على سبيل النقل والتخريج، ومن أصحابنا من فرق بينهما على ظاهر الصين فقال: النفقةً حق عليه لها في مقابلة الاستمتاع، فإذا أمكنه فقد وجب لها، فإن شاءت طالبته به وإن شاءت أخرته، كما يكون ذلك في الثمن في البياعات والأجرة في الإجارات، وليس كذلك السكنى فإنها حق عليه في مقابلةً حق له وهو حفظ مائه وتحصينه، فإذا قعدت باختيارها من غير إذن الزوج ولم تكن محصنةً له ماءه، فإذا لم يحمل له حقه لم يجب ما عليه. وأيضًا النفقةً تجب على وجه البدل فلم تسقط بترك المطالبة، والسكنى تجب لحق الله تعالى لا على سبيل البدل فسقطت يترك المطالبةً.
فإن قل: نفقةً الحامل في العدةً لا تجب على طريق البدل ولا تسقط بمضي الزمان على ما ذكرتم. قيل: قد قيل: إنّا إذا قلنا هي للحمل تسقط بمضي الزمان؛ لأنهما نفقةً القرب ونفقةً القريب تسقط بمضي الزمان، والصحيح أنها لا تسقط. لأن قلنا للحمل؛