للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخرها لم تعتد بها لأن قوة أولها يمنع علوق الولد فبرئ الرحم وضعف آخره لا يمنع من علوق الولد فلم يبرأ به الرحم، وهذا فاسد لأنه لو برئ به الرحم في الاستبراء لبرئ به الرحم في العدة ولأنه لو برئ الرحم بأوله لم يحتج فيه استكمال آخره.

والوجه الثالث: تفرد به البصريون الطهر والحيض مقصودان معًا في قرء الاستبراء وإن لم يقصدا معًا في أقراء العدة، والفرق أنهما في أقراء العدة. يجتمعان فجاز أن يكون أحدهما مقصودًا فعلى هذا إن كانت حائضًا فإذا انقطع دمها دخلت في العدة، فإذا تمّ طهرها، ثم رأت حيضة كاملة ودخلت في الطهر الثاني حلت، وإن كانت طاهرًا هل تعتد البقية وجهان:

أحدهما: لا تعتد كما لا يعتد بقول البصريين إذا كان الطهر وحده مقصودًا فعلى هذا إذا رأت الدم بعد بقية هذا الطهر دخلت في قرئها، فإذا كملت حيضها، ثم طهرًا كاملًا، ثم رأت الحيضة الثانية حلت.

والثاني: تعتد ببقية هذا الطهر إذا كانا مقصودين ولا تعتد به إذا كان أحدهما مقصودًا [ق ١٣٤ أ] لقوته إذا قرن بغيره وضعفه إذا انفرد بذاته فعلى هذا تدخل في قرئها في نية طهرها، فإذا حاضت حيضة كاملة ودخلت في الطهر حلف وهذا كله حسن، وهذا كله إذا كانت من ذوات الأقراء، فإن كانت آيسة تستبرئ بشهر نص عليه في كتاب النكاح والطلاق، لأن كل شهر بمنزلة قرءٍ وهذا أصح، وفيه قول آخر نص عليه في كتاب عتق أمهات الأولاد أنها تستبرئ بثلاثة أشهر؛ لأن براءة الرحم بالشهور لا تحصل بأقل من ثلاثة أشهر، فإن الولد لا يتحرك في البطن وراء ثلاثة أشهر.

ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: "فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا بِأَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا"، وهذا صحيح لأنه براءة الرحم لا تحصل إلا بالرضع فاستوى فيه الحرة والأمة والمطلقة والمتوفي عنها. ثُمَّ قَالَ:"وَإِنْ اسْتَبْرَأَتْ فَهِيَ كَالحُرَّةِ المُسْتَرِيبَةِ" وقد بينا حكم الحرة إذا ارتابت وحكم أم الولد حكمها فيما ذكرنا ولا فرق بين أن تكون الريبة قبل وضع الولد أو بعده وضعه لأنها ربما تلد ولدًا، وفي بطنها ولد آخر ينفصل بعد شهر أو شهرين أو أربعة أشهر، ولهذا عطف الشافعي مسألة المستبرأة على الحامل إذا وضعت حتى يعلم أن هذا الشك غير مختص بالحائل، وأنه ربما يشك الحامل كما تشك الحائل والحكم أنها تتربص حتى تستيقن زوال الريبة.

مسألة:

قَالَ: "فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ تَحْتَ زَوْجٍ أَوْ فِي عِدَّةِ مِنْ زَوْج فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>