أجاب الشافعي على القول الذي يقول: تزويج أم الولد جائز، وقد ذكرنا ما قيل فيه في كتاب النكاح، فإذا زوجها، ثم ماتت المولى بعد تزويجها وعتقت فلا يجب عليها الاستبراء؛ لأنه لما زوجها صارت فراشًا لزوجه، وحرمت على مولاها ومحل المولى منها محل الأجنبي، فلم يجب عليها بموته الاستبراء، وكذلك [ق ١٣٤ ب] إذا طلقها أو مات عنها، ثم مات المولى وهي في عدة من زوجها لم يجب عليها الاستبراء لما ذكرنا، فإذا انقضت عدة الزوج والمولى حتى عادت فراشًا له؛ لأن الفراش قد زال بالتحريم الذي طرأ عليها النكاح، فإذا زال التحريم عادت فراشًا كما كانت وقد نص الشافعي على أن المولى يطأها قبل أن يستبرئها لأن المنع لأجل ماء الزوج، وقد حكمنا ببراءة رحمها من ماء الزوج فلم يجب على المولى استبراء آخر. وذكر ابن خيران قولًا آخر عن الشافعي في القديم أنه يجب استبرائها ولا يحل له وطئها قبل ذلك لأنها استباحة تجددت في ملك، ولأن الاستبراء والعدة حقان فلا يتداخلان وعلى هذا لا تصير فراشًا للسيد بانقضاء العدة، فإن استبرأها السيد ووطئها صارت بهذا الوطء فراشًا، فإن مات السيد بعد ذلك لزمه الاستبراء بموته، وإن لم يطأها حتى مات قبل الاستبراء أو بعده، فقد مات وهي غير فراش له فلا يلزمها الاستبراء منه.
وقال في الحاوي في وجوب الاستبراء ههنا على قول ابن خيران وجهان بناء على الوجهين في استبراء أم الولد هل وجب لحرمة الولد أو لرفع الفراش.
قال الاصطخري: يجب لحرمة الولد فعلى هذا يلزمها الاستبراء، وقال غيره: يجب لرفع الفراش فعلى هذا لا يلزمها الاستبراء لأن الفراش لم يعد وعلى هذا لو زوج أمته بعد الاستبراء، ثم طلقها واعتدت من طلاقه هل يستبيحها السيد قبل استبرائها وجهان:
أحدهما: لا استبراء لأن براءة الرحم حصلت.
والثاني: يلزمها الاستبراء لأن العدة للزوج والاستبراء يحل استمتاع السيد.
وقال البندنيجي نص الشافعي عليه وعلى كلا الوجهين لا تصير فراشًا إلا بالوطء لأن فراش أم الولد أثبت لأن ولدها بعد ستة أشهر [ق ١٣٥ أ] من استبرائها يلحق بالسيد ولا يلحق به ولد الأمة، فإذا مات على الأمة لم يلزمها الاستبراء بموته ويلزم أم الولد فافترقا.
وإذا قلنا بالمذهب المشهور أنه لا استبراء عليها بعد انقضاء عدتها، وصارت فراشًا للسيد فمات السيد في الحال يلزمها الاستبراء عن السيد لزوال ملكه عنها وهي فراش نص عليه الشافعي:
وقال القفال: إنما يجب الاستبراء على أم الولد عند موت السيد أو إعتاقها إذا لم