القبض. وأما ما ذكره لا يصح لأنها [ق ١٤٠ ب] ملك المشتري يلزمه نفقتها، وعلى ما ذكرنا قال القاضي الطبري: لو فسخ البائع البيع في المجلس قبل التفريق، وقلنا: الملك للمشتري لا يجب الاستبراء عليه لأنه استحدث عليها ملكًا بعد التحريم.
فإن قيل: أليس يجوز للبائع وطئها في مدة الخيار فيل نعم ويكون وطئه فسخًا، فأما الوطء مع انتقال الملك فمحرم.
أراد به أن الاستبراء واجب على المشتري دون البائع، فإن استبريء البائع وباعها لم يسقط عن المشتري والمستحب أن يستبرئها البائع أيضًا إن كان قد وطئها، وإن لم يكن وطئها فلا مانع له، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وقد ذكرنا في كتاب البيع عن النخعي وجماعة أنه يجب على البائع والمشتري معًا؛ لأن البائع يلزمه حفظ مائه وكذلك المشتري يستبرئها لحفظ مائه، وهذا غلط؛ لأن الاستبراء في حق الحرة آكد لأنه ثلاثة أقراء، ثم لا يجب قبل النكاح وبعده فههنا أولى وما ذكره يبطل بالحرة.
وقال عثمان البني: يجب الاستبراء قبله كالنكاح، وهذا غلط لأنه ملك استمتاع جارية بملك اليمين بعد تحريمها عليه فكان عليه الاستبراء كالمسبية.
وأما ما ذكره لا يصح في المحرمة بخلاف النكاح، والاستبراء يكون في يد المشتري، وإن كانت جميلة ففي يدي عدل، وقد ذكرنا ذلك في كتاب البيع وهذا غلط لأنه استبراء لاستحداث ملك فأشبه إذا كانت قبيحة.
واعلم أن أبا حامد قال: لو استبرأها قبل القبض بعد لزوم البيع لم يعتد به ويلزمها استبراء آخر بعد القبض؛ لأن الشافعي قال:"والاستبراء أن تمكث عند المشتري طاهرًا" ولأن الملك لم يستقر بعد فأشبه إذا كان قبل التفرق، قال: وهكذا إذا أوصى له بجارية ومات [ق ١٤١ أ] فقبل الوصية ملكها، وإن لم تقبض ولا تعتد بالاستبراء قال: ولو ورث جارية فاستبرأها قبل القبض وقع الاستبراء موقعه والفرق أن بالميراث تصير كالمقبوضة بدليل أنه يجوز له بيعها في الحال، فلها يعتد بالاستبراء هناك بخلاف مسألتنا والمسألة خلاف هذا على ما ذكرنا في كتاب البيع؛ لأن الشافعي قال: بعد هذا ولو لم يتفرقا حتى وضعت حملًا لم تحل له حتى تطهر من نفاسها ويحيض حيضة ولم يشترط القبض، لأن الملك قد تمّ ولزم فأشبه إذا كان بعد القبض.
وأما قول الشافعي:"الاسْتِبْرَاء أَنْ تَمْكُثَ عِنْدَ المُشْتَرِي" قصد به الرد على مالك