حيث قال: إذا كانت حسنة تكون في يد عدل على ما ذكرنا، وأما قوله: تمكث طاهرًا بعدما ملكها ثم تحيض حيضة معروفة، فإذا طهرت منها فهو الاستبراء يريد به أن الاستبراء بالحيض ولكن يكون حيضة معروفة أي صحيحة، وهو أن يكون أقله يوم وليلة وأكثره خمسة عشر ولا بد من أن تمكث طاهرًا، ثم تحيض حيضة لأنها كانت حين ملكها طاهرًا فلا بد من أن تحيض حيضة، فإذا طهرت حلت، وإن كانت حائضًا فلا تحتسب بنفسها، فإذا طهرت، ثم حاضت حيضة كاملة، ثم طهرت ثانيًا حلت، وقد ذكرنا ما قيل فيه، وإن كانت لا تحيض فاستبرؤها بشهر.
وقال عمر بن عبد العزيز، ومجاهد، وطاوس، وعطاء، وابن سيرين: ثلاثة أشهر وهو قول آخر لنا، وهو الصحيح عند كثير من أصحابنا، ثم قال: فإن استبرأت أمسك حتى يعلم أن تلك الريبة لم تكن حملًا وأراد إذا استبرأت نفسها بحيضة ثم استبرأت فعلى السيد أن يمسك عنها، ولفظ الشافعي يدل على هذا أنه قال: ولا أعلم مخالفًا في المطلقة لو حاضت ثلاث حيض وهي ترى [ق ١٤١ ب] أنها حامل لم تحل للأزواج إلا بوضع الحمل والبراءة من أن يكون حملًا.
إذا ثبت أن الاستبراء على المشتري فلا يحل له وطئها حتى يستبرئها، وأما دواعي الجماع من القبلة واللمس والنظر بشهوة فلا يحل له أيضًا في زمان الاستبراء المعنيين بأحدهما أنه استبراء لصيانة الماء فأشبه المعتدة من زود. والثاني: وهو الأظهر أنها قد يكون من سيدها أو وطء شبهة فتكون أم ولد غيره فيؤدي إلى مباشرة أم ولد غيره ولا يجوز ذلك هذا إذا ملكها بغير السبي، فإن ملكها بالسبي والاغتنام فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز شيء من هذا قياسًا على المملوكة بغير السبي.
والثاني: يجوز ذلك، وهو ظاهر المذهب لأن هذا لا تخلو إما أن تكون حائلًا أو حاملًا فإن كانت حائلًا فهي مملوكة له، وإن كانت حاملًا لا تكون أم ولد للمشترك وتكون هي وولدها مملوكين له، فإن قيل فقولوا: يجوز وطئها أيضًا لهذا المعنى قلنا: إنما حرمنا وطئها لئلا يختلط ماءه بماء المشترك، وكان الاستبراء واجبًا لحرمة ماء المسلم دون المشرك، ولأنه روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أنه قال: وقع في سهمي جارية من سبي حلولًا فنظرت إيها، فإذا عتقها مثل الإبريق فلم أتمالك أن وثبت عليها فقبلتها والناس ينظرون ولم ينكر عليه أحد.