للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانت السيد أمته فعجزت عن الأداء ورقت أو زوجها فطلقها زوجها قبل الدخول [ق ١٤٢ ب] فارتد أحدهما أي الجارية أو سيدها ثم عاد إلى الإسلام لم يكن له وطئها حتى يستبرئها.

وقال أبو حنيفة: له وطئها من غير استبراء في هذه المواضع؛ لأن ملكه لم يزل عنها، وإنما حرمت بعارضٍ كما لو رهنها، ثم فكها من الرهن، وهذا غلط لما ذكره الشافعي أنها ممنوعة منه، ثم أبيح بالعجز ولا يشبه صومها الواجب عليها وحيضها، ثم يخرج من ذلك؛ لأنه يحل له في ذلك أن يلمسها ويقبلها ويحرم ذلك في الكتابة كما يحرم إذا تزوجها، وتحرير هذا أن كل من ملك الاستمتاع بجارية بعد تحريمها عليه لم يحل له وطئها قبل الاستبراء، ولا يدخل على هذا الصائمة إذا خرجت من صومها، والحائض إذا طهرت من الحيض لأنهما لم يكونا محرمتي الاستمتاع، وكذلك الأمة إذا رهنها، ثم فكها من الرهن لا يلزمه أن يستبرئها؛ لأن الرهن لا يحرم الاستمتاع بها، فإن له أن يقبلها وله أن يطأها إن كانت صغير لا تحبل مثلها، ولا يدخل على هذه الأمة إذا أحرمت بحج أو عمرة، ثم حلت؛ لأن مولاها لم يزل ملكه من الاستمتاع بها فلا يقال إنها لما حلت من الإحرام ملك الاستمتاع بها، وإذا عجزت ملك المولى ذلك فدل على الفرق بينهما.

قال الفقال: وعلى هذا الخلاف إذا وطء إحدى الأختين، ثم كاتبها حلت له الأخرى في الحال عندنا، وقال أبو حنيفة: لا تحل، ثم قال الشافعي: وإنما قلت طهر، ثم حيضة حتى تغتسل منها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن الأقراء الأطهار بقوله صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنه يطلقها طاهرًا من غير جماع فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء، وأمر صلى الله عليه وسلم من الإماء أن يستبرئن بحيضة فكانت الحيضة الأولى أيامها طهرًا كما كان الطهر. أما من الحيض فكان قصد النبي صلى الله عليه وسلم [ق ١٤٣ أ] في الاستبراء إلى الحيض، وفي العدة إلى الأطهار كان قائلًا قال له: لم يفرق بين عدة الطلاق بالنكاح تكون بالطهر وبين الاستبراء بالحيض؟ فقال: لأن الشرع فرق بينهما كما ذكر.

واعلم أن اللفظ إشكالًا وذلك أنه قال: وإنما قلت طهر، ثم حيضة فأوهم بظاهره أن الاستبراء يقع بالطهر، فذهب بعض أصحابنا إلى هذا الظاهر فقال: إذا استبرأها طاهرًا فحاضت حلت من الاستبراء وجاز في حيضها ما يجوز من الاستمتاع بالحائض ولكن آخر كلام الشافعي في هذا الفصل يمنع صحة هذا القول؛ لأنه قال: فكان قصد النبي صلى الله عليه وسلم في الاستبراء إلى الحيض؛ وفي العدة إلى الأطهار وإزالة الإشكال عن أول هذا الفصل بأن يقال: معنى قوله: وإنما قلت: طهر ثم حيضة أنه لو استبرأها حائضًا لا تحتسب بقية الحيضة والاستبراء لا يقع إلا بحيضة أولها وآخرها في ملك المشتري، ولم يرد أن الاستبراء بالأطهار وكيف يريد ذلك.

وقد روى حديث ابن عمر، وحديث أوطاس وفرق بينهما بهذا، وأما قول الشافعي

<<  <  ج: ص:  >  >>