وكانت الحيضة الأولى أمامها طهرًا كما كان الطهر أمامه الحيض لفظ مشكل فظاهره أن الطهر في العدة أمامه حيض كما أن الحيض المحسوب في الاستبراء حيض أمامه طهرًا وإزالة الإشكال أن يقال يحتمل أن يكون الشافعي أراد بهذا الطهر الثاني من العدة فإنه يتبع الحيضة، أو أراد الصغيرة التي لم تحض قط فطلقها زوجها فحاضت بعد الطلاق قبل تمام الأشهر الثلاثة، فلا يتصور أن يحتسب لها في العدة قرء حتى تكون أمامه حيض، فأما إذا حملنا لفظه على غير هذين الموضعين فلا يمكن؛ لأن بقية الطهر بعد الطلاق قرء محسوب، وإن لم تكن أمامها حيض بعد طلقها [ق ١٤٣ ب].
فرع:
لو اشترى أمة مجوسية فاستبرأها، ثم أسلمت لا يجوز له أن يطأها بعد الإسلام حتى يستبرئها، ولا تعتد بالاستبراء الذي حصل في حال الكفر؛ لأنه لا يفيد الإباحة الاستبراء المعتد به إنما هو إذا تعلقت به الاستباحة وقيل: فيه وجه آخر أنه يعتد بذلك الاستبراء وعلى هذا عن أبي حامد ولا يوجد في تعاليقه ذلك، قال أصحابنا: وهكذا إذا اشترى أمة مجوسية فكاتبها، ثم أسلمت واستبرأها بعد إسلامها ثم عجزت لم تحل لمولاها إلا بأن يستبرئها، وهذه المسألة ليست من جنس ما قبلها لأن ههنا وجب بالعجز استبراء جديد، فإنه استحدث الملك على الاستمتاع.
فرع آخر:
لو كان لرجل عبد مأذون له في التجارة فاشترى العبد أمة واستبرأها بالحيضة، فحجز المولى عليه ومنعه من التصرف ينظر، فإن لم يكن على العبد دين فقد حلت الجارية للمولى بالاستبراء السابق، وإن كان على العبد دين لم يصح الاستبراء؛ لأن الجارية محرمة على المولى لتعلق ديون الغرماء بها، فلا يصح الاستبراء في حال التحريم، وكان عليه أن يستبرئها في حال ينفعه الاستباحة هكذا ذكر جميع أصحابنا.
وقال صاحب الحاوي: عندي أنه لا يلزم الاستبراء وتحل له الاستبراء المتقدم لوجوده بعد استقرار الملك والرهن لا يوجب الاستبراء كذلك ههنا ذكر في الشامل أنه لا يحتسب الاستبراء في حال الرهن وهو غلط ظاهر.
فرع آخر:
لو اشترى أمةً من ذوات الأقراء فتباعد حيضها فهي كالمعتدة إذا تباعد حيضها وفي الجملة كل جنس تعتد به الحرة تعتد به الأمة إلا أنهما يختلفان في مقدارها وفي أنه بالحيض دون الطهر في أصح القولين على ما ذكرنا.