[ق ١٤٤ أ] قد ذكرنا فيما تقدم أنه إذا اشترى زوجته الأمة لم يجب عليه أن يستبرئها؛ لأنها كانت حلالًا له فانقلبت من الإباحة بالنكاح إلى الإباحة بملك اليمين. قال الشافعي: واستحب له أن يستبرئها؛ لأن الولد من الماء الذي كان في النكاح رقيق ولا تصير به أم ولدٍ له، والولد المخلوق من الماء الذي يحصل في ملكه حر وتصير الجارية أم ولدٍ له فالمستحب أن يستبرئها حتى يتميز أحد الماءين عن الآخر، وقيل فيه وجه آخر إنه يجب الاستبراء، وهذا غلط لا يحكى.
فرع آخر:
لو اشترى لأمة فظهر بها حمل فولدت فقال البائع: هو مني كنت وطئتها قبل البيع، نظر في المشتري، فإن صدقه كانت الجارية للبائع والولد حر والبيع باطل، وعليه أن يرد ثمنها على المشتري، وإن كذبه المشتري نظر، فإن كان البائع لم يقر بالوطء إلا بعد البيع فلا يصرف؛ لأنه متهم في حق المشتري فلا يقبل قوله فيه كما لو باعها، ثم قال: كنت أعتقتها أو غصبتها من فلانٍ فلا يصدق في حق المشتري، فعلى هذا تكون الجارية مملوكة للمشتري والولد مملوك له، وقال أبو حنيفة وحده، إن أتت به لدون ستة أشهر يصدق ويبطل البيع، وهذا غلط لما ذكرنا وهل يثبت نسبه من البائع؟ قولان. قال في "الأم و"الإملاء": يثبت أنه لا يمتنع أن يكون ابنًا للبائع مملوكًا للمشتري والثاني: قاله في "البويطي": لا يثبت لأن إقراره بالوطء تضمن ثلاثة أحكام:
أحدهما: أنها أم ولد.
والثاني: أن الولد حر.
الثالث: أنه ابنه فإذا لم يثبت إقراره حكمان كذلك الحكم الثالث.
وهذا لأنه لا يستضر به المشتري لو أعتقه ومات فإنه تقدم عليه في الميراث، وإن كان قد أقر به قبل عقد البيع نظر، فإن البائع قد استبرأها، ثم باعها لا يخلو من أحد أمرين:
إما أن تكون ولدت [ق ١٤٤ ب] لأقل من ستة أشهر فقد بينا أن الاستبراء لم يكن صحيحًا وأنها أم ولد له ويكون الحكم فيه على ما بيناه، وإن ولدت لستة أشهر فصاعدًا فلا يقبل إقراره فيه ويكون الولد منفيًا عن البائع وينظر، فإن لم يكن المشتري وطئها كانت الجارية والولد مملوكين، وإن كان وطئها المشتري وأتت به لستة أشهر من وقت وطئه وأقل من أربع سنين من وطء البائع فالولد يحتمل أن يكون من كل واحدٍ منهما فيرى القافة على ما بيناه.
واعلم أن أبا حامد ذكر في تعليقه ولو باع جارية قد أقرّ بوطئها ثم ولدت عند المشتري وأمكن أن يكون من كل واحد منهما، وذكر الحكم ووهم في (تخريجه)؛ لأن