ظاهر مذهب الشافعي أنه منتف عنه بعد ستة أشهر من الاستبراء فهي إن ولدت لأقل من ستة أشهر من استبراء البائع فهو لأقل من ستة أشهر من استبراء البائع فهو لأقل من ستة أشهر من وطء المشتري لأن وطئه بعد وطئ البائع فيكون لاحقًا بالبائع دون المشتري، وإن ولدته لستة أشهر من وطء المشتري فهو لأكثر من ستة أشهر من استبراء البائع؛ لأن استبراءه قبل وطء المشتري فيكون لاحقًا بالمشتري دون البائع، ويصح هذا التخريج على قول ابن سريج لأنه سوى بينها وبين الحرة فيقول ولد الأمة يلحق إلى أربع سنين كالحرة.
فرع آخر:
لو اشترى أمة فظهر بها حمل فقال المشتري للبائع: هذا الحمل كان موجودًا في حال عقد البيع فلي أن أردها بالعيب، وقال البائع: هل حدث عندك بعد البيع؟ نظر فإن كان لأقل من ستة أشهر فهو كان موجودًا في حال البيع أن يردها بالعيب، لأن الحمل عيب في بنات آدم لجواز تلفها، وإن كان لستة أشهر [ق ١٤٥ أ] فصاعدًا فالقول قول البائع مع يمينه؛ لأنهما إذا اختلفا في العيب ومثله يحدث في يد المشتري فالقول قول البائع مع يمينه، إن أنكر البائع الحمل فأن يريها القوابل، فإن قلن إنها حامل حكمنا به لأن للحمل أمارات من انتفاخ الجوف وكبره وحركة الولد، ونزول اللبن وسواد الثديين وهن أعرف بذلك. نرجع إلى قولهن لأنهن لم يخبرن بذلك عن علم بل يخبرن عن غالب ظن بالدليل.
فرع آخر:
أقل الحمل ستة أشهر ومعناه أقل ما تضع المرأة حملًا يعيش ستة أشهر فأما السقط وما تصور وتحلق ولا يعيش يكون بعد ثمانين يومًا وفي مدّة ثلاثة أشهر. وهذا إجماع ودليله قوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] فذكر المدتين معًا، وأراد به أكثر مدة الرضاع وأقل مدة الحمل لأنه لا يجوز أن يريد أطول المدتين لأنه يزيد على ثلاثين شهرًا ولا يجوز أن يريد أنقص المدتين لأنه لا يبلغ ثلاثين شهرًا، ولا يجوز أن يريد أكثر مدة الحمل وأٌقل مدة الرضاع لأنه يزيد أيضًا فلم يبق إلا ما قلنا.
وروى أبو الأسود الديلي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفعت إليه امرأة ولدت لستة وأمر برجمها فأتى علي رضي الله عنه في ذلك فقال: لا رجم عليها فبلغ عمر فأرسل إلى علي فسأله عن ذلك فقال: لا رجم عليها لأن الله تعالى يقول: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة: ٢٣٣]، وقال تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}[الأحقاف: ١٥] ستة أشهر وحولين كاملين تمامه لا رجم عليها فخلى عنها عمر هكذا رواه الإمام أحمد البيهقي [ق ١٤٥ ب].
وروى أصحابنا أن امرأة أتت بولدٍ لستة أشهر فهم عثمان رضي الله عنه برجمها، فقال ابن عباس: إن خاصمتكم بكتاب الله تعالى فقال عثمان: وما ذاك فقال: ما قال علي فرجع إلى قوله. واستحسن الناس استخراجه وصارت المسألة إجماعًا. وذكر العقيبي