فقلت: يا رسول الله لو كان فلانًا حيًا لعمها من الرضاعة يدخل عليَّ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة".
قال الإمام البيهقي: يشبه أن يكون هذا قبل قصة أفلح أخي أبي القعيس وفي عم آخر لعائشة وإنما لم يكتف به لما في قلبها من مراجعتها إياه أن المرأة هي التي أرضعته دون الرجل حتى ازدادت بيانًا والله أعلم.
وروى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم [ق ١٤٨ أ] أريد على ابنة حمزة فقال: "إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة" وأن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب".
وروي مثل ذلك عن أم سلمة رضي الله عنها، فإذا تقرر هذا فحرمة الرضاعة تثبت في ثلاثة أعيان من المرضعة وزوجها الذي له اللبن والمرضع، ثم تنتشر الحرمة من كل واحد منهم.
فأما المرضعة فتنتشر الحرمة منها إلى آبائها وأمهاتها وأولادها وإخوتها وأخواتها، وأما الزوج فتنتشر الحرمة إلى آبائه وأمهاته وأولاده وإخوته وأخواته، وأما المرتضع فتنتشر الحرمة إلى أولاده فقط دون إخوته وأخواته وآبائه وأمهاته وإنما كان كذلك لأن تحريم الرضاع تابع لتحريم النسب فتكون المرضعة أمًا للمرضع وزوجها آبائه وأباؤهما أبًا للمرضع وإخوة الأم أخواله وإخوانها خالاته وإخوة الأب أعمامه وأخواه عماته.
وأما المرضع فإن أولاده أولادهما فيحرمون عليها، وأما آباءه وأمهاته وإخواته فليس بينهما وبينهم ما يوجب التحريم، لأن الرجل يحرم عليه أخت ابنة إلا من جهة أنه دخل بأمه فحسب، وهذا ليس بتحريم النسب وكل موضع قلنا: إ، هـ محرم بالأبوة أو البنوة فامرأته محرمة.
أراد بالسبب الصهارة لأن النكاح سبب الولادة أو الوطء وكلاهما يوجبان حرمة المصاهرة فامرأة ابنه أو أبيه من الرضاع حرام عليه كما في النسب وكذلك أم امرأته أو ابنتها من الرضاعة حرام عليه، وإن لم تكن أرضعت تلك الابنة بلبنه بعدما كان دخل بالمرضعة كما في النسب سواء.