للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ آخرُ

يكره للمرأة أن تتنقب في الصلاة، لأن الوجه من المرأة ليس بعورة، فهي كالرجل يكره له أن يصلي متلثماً على ما ذكرنا في الصلاة في الثوب الذي عليه الصور لما روي عن عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان لي ثوب فيه صور، فكنت أبسطه، فلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه فقال: "أخريه عني فجعلت منه وسادتين".

فَرْعٌ آخرُ

لو دخل العريان في الصلاة، ثم وجد السترة، فهو كالأمة تصلي مكشوفة الرأس، ثم تعتق وتجد السترة.

وقال أبو حنيفة: "بطلت صلاته" فنقيس على الأمة إذا أعتقت، وهي حاسرة الرأس سترت، ولا تبطل صلاتها.

مسألة: قال: "ومن سلم أو تكلم ساهياً أو نسي شيئاً من صلاته بنى ما لم يتطاول". وهذا كما قال.

الكلام في الصلاة ضربان: ذكر الله تعالى وغير ذكر الله تعالى، فإن كان ذكر الله تعالى، وهو التكبير والقراءة، ونحو ذلك لا تبطل الصلاةء وإن قصد به التنبيه والتحذير على ما بيناه. وأما غير الذكر، فهو خطاب الآدميين ينقسم أربعة أقسام:

أحدها: أن يتكلم به ناسياً، أنه في الصلاة، [١٢١ أ / ٢] فإن كان يسيراً لم تبطل صلاته، وإن كان كثيراً، فظاهر كلام الشافعي ههنا أنه يبطلها، لأنه قال: بنى ما لم يتطاول. وقال نحو هذا في البويطي ولفظه: "إذا تكلم أو فحك ناسياً لصلاته، فإن كان يسيرا ككلام النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة ذي اليدين بنى، وإن كان كثيرا أعاد".

واختلف أصحابنا فيه على وجهين:

أحدهما: هذا، لأنه يقطع نظام الصلاة، ولأنه لو نسي شيئاً من صلب الصلاة وسلم. طال الفصل أبطل الصلاة وجهاً واحداً، فكذلك الكلام.

والثاني: وهو اختيار أبي إسحق لا يبطلها، لأن العلة كونه ساهياً، وهو موجود في القليل والكثير، ولهذا سوي في الأكل في الصوم ناسياً بين القليل والكثير.

قال: وقول الشافعي: "بنى ما لم يتطاول" عاد إلى ما تركه من صلب الصلاة لا إلى الكلام. وأما في العمل إنما فرقنا بين القليل والكثير، لأن الفعل أكد وأغلظ حكماً، ولهذا المكره على القتل يلزمه القود والمكره على الطلاق لا يقع طلاقه، والأول أصح كما صرح في البويطي وأما دليله لا يصح لأنه إذا كان كثيراً يؤمن مثله في القضاء، فلم يعف وجرى مجرى الفعل الكثير، ولهذا العمل القليل يساوي الكلام القليل، لأنه لا يمكن الاحتراز منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>