للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معسرة لقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: ٧] فاعتبر حال الزوج وخالف بين نفقته موسرًا أو معسرًا.

فإذا تقرر هذا فإن كان الزوج معسرًا فنفقتها مد، وإن كان متوسطًا فنفقتها مد ونصف، وإن كان موسرًا فنفقتها مدان، وإنما قلنا هكذا لأن المد أقل ما يجب في الكفارات والمدان أكثر ما يجب وهو في فدية الأذى وجعلنا المتوسط بينهما فزدنا على ما يجب على المعسر ونقصنا مما يجب على الموسر، وقول الشافعي: والنفقة نفقتان أراد به ما ثبت بالنص وهو نفقة الموسر والمعسر.

فأما نفقة المتوسط ثبتت بالاجتهاد، وقال أبو حنيفة، ومالك: لا تتقدر النفقة هكذا بل يلزم كفايتها وللحاكم أن يزيد على المدين وينقص على المد على حسب زيادتها وزعتها في الأهل وله التسوية بين الغني والفقير.

واحتج بقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٣] والمعروف: الكفاية ولأنه سوّى بين النفقة والكسوة، ثم الكسوة تعتبر بحالها فكذلك النفقة، وهذا غلط لما ذكرنا من الآية.

وأما ما ذكر لا يصح لأن المعروف مجمل وفسره في ......

وأما الكسوة فلا يقع فيها التنازع والتفاوت بخلاف النفقة فيعتذر لقطع التنازع، وقال أحمد: تعتبر بحال الزوجين فعلى الموسر للفقيرة نفقة متوسط. وأما جنس النفقة فيعتبر بغالب قوت البلد، فإن كان بخراسان أو بالعراق فمن البر وإن كان بطبرستان فمن الأرز، وإن كان بالمدينة وحواليها فمن التمرد وهو كما قلنا في زكاة الفطر والكفارات يعتبر فيها غالب قوت البلد. ومن أصحابنا من قال: بغير قوته كما يعتبر مقدارها بحاله، وهذا غلط، لن الكفارة وزكاة الفطر [ق ١٨٤ أ] تعتبر بحال المكفر والمزكي أصلهما ويعتبر جنسهما بغالب قوت البلد كذلك ههنا، فإذا ثبت هذا فالواجب أن يدفع إليها الحب نفسه، لأن ذلك سيئ على الكفارة في المقدار والجنس فكذلك يبني عليها في وجوب تمليك الحب، فإذا أرادت المرأة قيمة الحب، واجتمع الرجل أو أراد الرجل القيمة وامتنعت المرأة لم يجبر الممتنع منهما عليه، وإن تراضيا جميعًا على قيمة الحب فهل يجوز وجهان:

أحدهما: لا يجوز، لأن الذي وجب في ذمة الطعام، ومن كان له طعام في ذمة غيره لم يجز له أن يأخذ قيمته لأنه يكون مع الطعام قبل القبض ألا ترى أنه لو كان له في ذمته طعام من سلم فتراضيا على أخذ قيمته لم يجز لما ذكرنا، ولأن النفقة كالكفارة، وقد تقرر في الكفارة أنه لا يجوز إخراج قيمة الحب فكذلك ههنا.

والثاني: يجوز وهو اختيار أبي إسحاق وهو المذهب؛ لأن النفقة إنما وجبت في ذمته على طرق الرفق فجاز أخذ قيمته بالتراضي كما لو كان عليه الطعام من جهة القرض ولأن الطعام إذا وجب مستقرًا في الذمة جاز قيمته مثل القرض والميراث، وإذا لم

<<  <  ج: ص:  >  >>