يكن مستقرًا لا يجوز مثل البيع والمسلم فيه، فإن البيع يجوز أن يتلف قبل القبض فينفسخ البيع ويجوز أن يتقطع المسلم فيه فينفسخ السلم ويسقط الطعام من الذمة وههنا الطعام مستقر في الذمة والمستحق آدمي معين فجاز أخذ العوض عنه ولا يشبه هذا الكفارة لأن الفقير الذي يستحقه غير معين وهو حق الله تعالى فلا يعمل فيه بالتراضي بينهما.
وأما إذا خلف الدقيق أو الخبز عوضًا عن الواجب لها، قال بعض أصحابنا: لا نص فيه والقياس أنه لا يجوز ذلك [ق ١٨٤ ب] لأنه يكون بيع الحنطة بجنسها متفاضلًا، وهذا صحيح عندي، وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان فظاهر المذهب جوازه، وهو غلط.
وأما نفقة الخادم، فإن كان موسرًا فنفقته مد وثلث ثلثا نفقة الزوجة، وإن كان معسرًا أو متوسطًا فنفقته مد وإنما لم يزد على مد عند التوسط لأنه لم يوجد سعة كاملة يوجب للخادم زيادة.
وذكر بعض أصحابنا أنها على المتوسط مد وثلث. وهو غلط لا تحكى. فإن قيل: فقد سويتم بين امرأة المعسر وبين خادمتها فأوجبتم لكل واحد منهما مدًا واحدًا قلنا: القياس يقتضي أن يكون للخادمة عند إعساره ثلاثًا مد كما قلنا لامرأة المتوسط مد ونصف وللخادم مد واحد وهو ثلثا ما جعلناه للمرأة إلا أن المد الواحد لا يحتمل التبعيض لأنه أقل ما يقوم به البدن فكلمناه وهذا كما قلنا القياس أن تكون عدة الأمة بقرء ونصف إلا أن القرء الواحد لا يحتمل التنقيص فكملناه قرءين.
فإن قيل: فمن أين أخذتم تقدير نفقة الخادم بمدٍّ وثلث عند يساره ونفقة المرأة بمدين قيل: إنما أخذه الشافعي من الميراث وهو أن للأب على الأم فضل في الميراث كما للزوجة ههنا على الخادم فضل في النفقة، ثم هناك حالتان حالة النقصان وهو إذا كان للميت ابن وحالة التفضيل وهو إذا لم يرثه إلا أبوه ففي حالة النقصان استوى الأبوان فلكل واحد منهما السدس، وفي حالة السعة والزيادة يزيد على هذا السدس مثلًا ما زيد للأم فإنه بلغ نصيب الأب الثلثين ونصب الأم الثلث فكذلك ههنا زيد للمرأة في حال الكمال مد على ما كان في حال النقصان وزيد للخادم وثلث مد وعند [ق ١٨٥ أ] الإعسار استويا كما استوى الأبوان هناك في السدس.
ومن أصحابنا من قال: أخذ نفقة الموسر من نفقة المتوسط لأن هناك للمرأة مدًا ونصفًا وللخادم مدًا ففي حالة اليسار يجب أن يكون للخادم أيضًا ثلثا ما للزوجة وذلك مد وثلث.
فرع:
إذا أعطاها الحب على ما ذكرنا، قال القفال: يلزمه أن يعطيها مونة إصلاحه للطحن والحر أو يكفيها إصلاحه.
وقال في "الحاوي": إن كانت عادة أمثالها أن يتولوا طحن أقواتهم وخبزها بأنفسهم