للمطلقة على الإطلاق وقيد النفقة بالحمل فقال: وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن ولم يرد به الرجعية فدل أنه أراد به البائنة وبذلك جاءت السنة في فاطمة بنت قيس حيث قال لها صلى الله عليه وسلم: ليس لك نفقة وكانت بائنة، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال لها: "لا نفقة لك إلا أن تكوني حائلًا" وروي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: "نفقة المطلقات ما لم يحرم" يعني ما لم تكن بائنة، وقال عطاء: ليست المبتونة الحبلى منه في شيء إلى أنه ينفق عليها من أجل الحبل، فإن كانت حبلى فلا نفقة لها، وقد ذكرنا أنها للحمل أو الحامل قولان منصوصان، والأصح أنها تستحق في الحال فالأمارات لأن الأحكام تتعلق بها.
قال أصحابنا: أراد بالنكاح المنسوخ إذا فسخ أحدهما النكاح لوجود عيب بصاحبه فلا تجب النفقة ولا السكنى لأن ذلك بمنزلة النكاح الذي وقع فاسدًا في الأصل، وقد بيناه في كتاب النكاح.
فأما قول الشافعي حائلًا أو غير حامل إنما ذكر على القول الذي يقول النفقة للحامل، فأما إذا قلنا النفقة للحمل فلها النفقة وكذلك المنكوحة نكاحًا فاسدًا مثل نكاح المتعة والنكاح بلا ولي ولا شهود، إذا كانت حائلًا هل تستحق النفقة فيه قولان لأن النسب ثابت منه في الحالين:
واعلم أن الشافعي أوجب ههنا للمبتوتة الحال النفقة بسبب الحمل، ثم ذكر النكاح الفاسد ولم يجعل للحامل النفقة وعطف إحدى المسلمين على الأخرى وفرق بينهما والقياس يقتضي التسوية بين المسلمين في بنائهما على القولين، وهذا موضع الإشكال ولكن يحتمل أن يقال إذا كانت معتدة عن نكاح صحيح فإنها بحق العقد الصحيح تستحق حقوق الحضانة في تربية الولد وهي مشتغلة بما هو أبلغ من الحضانة لأنها تربية في بطنها فاستحقت عليه النفقة لحق العقد السابق ما دامت في العدة عن ذاك العقد وإذا كان الوطء شبهة لم يثبت ما فيه مثل هذا الحق، وقال صاحب الحاوي: إذا فسخ نكاحها بالعيب المتقدم على العقد وهي حامل هل تستحق نفقتها في زمان الحمل ويجعل كالمنسوخ من أصله؟ قولان بدليل استحقاق مهر المثل، هكذا قال أصحابنا والصحيح عندي أن لها النفقة قولًا واحدًا إلحاقًا بالفسخ الطارئ الرافع لاستدامة العقد في هذا الحكم لأنه وجد موجبي الاستحقاق قبل الفسخ من استحقاق التمكين وحرمة العقد.