قد ذكرنا أن النفقة للحمل أو للحامل قولان والصحيح أنها للحامل وقوله ههنا حتى تلد فيعطى نفقة ما مضى دليل على أن النفقة للحامل لأن نفقة الأقارب يسقط لمضي الزمان.
وحكي ابن الحداد، عن الشافعي رحمة الله عليه أنه قال: لو أن مسلمة ارتدت فلا نفقة لها على زوجها، وإن كانت حاملًا وكذلك لو أسلم الزوج وتخلفت عن الإسلام وهي حامل فلا نفقة لها على زوجها ما لم يسلم كما لا نفقة لها إذا لم يكن حائلًا، وهذا يوضح أن نفقة الحامل لها في نفسها لا للولد.
والثاني: أنها للحمل وقد ذكرنا أنها هل تستحق قبل الوضع قولان.
فإذا قلنا: يستحق وهو اختيار المزني فقولها لا يقبل في وجوب النفقة حتى تشهد أربع نسوة عدول أن بها حملًا أو يشهد رجلان أو رجل وامرأتان بذلك، فإذا أقامته البينة أنفق عليها من وقت تقام البينة يومًا بيوم ودفع إليها نفقة ما مضى من حين الطلاق إن قامت البينة بالحمل، وإذا أنفق عليها، ثم بان أنه كان ريحًا ولم يكن حملا.
قال أبو إسحاق إذا قلنا: يلزمه أن ينفق عليها في حال الحمل رجع عليها بما أنفق سواء حكم عليه الحاكم أولم يحكم بذلك وسواء شرط عليها الرجوع أو لم يشرط لأنه أنفق ما لزمه أن ينفق، فإذا تبين أنه لم يكن لازمًا رجع عليه.
وإذا قلنا: لا يلزمه أن ينفق عليها حتى تضع فتبرع وأنفق، فإن كان بحكم الحاكم رجع، وإن كان من غير حكمه، فإن كان الدفع بشرط الحمل رجع، وإن كان مطلقًا لا يرجع لأن ظاهرة تطوع.
فإن قيل: إذا أنفق الرجل على امرأته ثم تبين أن النكاح كان فاسدًا ففرق الحاكم بينهما لا يرجع الزوج عليها بما أنفق فما الفرق [ق ٢٠٧ ب] قيل: الفرق أن الزوج أنفق عليها في مقابلة ما أتلف عليها من منافعها وهو الاستمتاع الذي استمتع بها فلم يجز أن يرجع عليها بما أنفق خلاف مسألتنا.
فإن قيل: لو كان ذلك على طريق المعاوضة لوجب إذا مكنته من الاستمتاع إلا أنه لم يستمتع بها ولم يسلمها أن يكون لها المطالبة بنفقة ما مضى قبل العوض في النكاح الفاسد لا يجب إلا بالإتلاف. فأما بالتمكين فلا يجب ألا ترى أن المشتري لا يلزمه تسليم الثمن في البيع الفاسد بالتمكين من المبيع ما لم تبلغه فإذا أتلفه يلزمه ذلك ههنا