يرضعن ولأن الله تعالى سماه أجرًا ولا تسمى نفقة الزوجة أجرًا ولأن الابن بعضه فكما يلزمه نفقة نفسه يلزمه نفقة ولده. فإذا تقرر هذا الكلام في فصلين في صفة من تجب عليه وصفة من تجب له فأما صفة من تجب عليه فمن ملك فضلًا عن قوت يوم وليلة، أو كان قادرًا على اكتساب ذلك، وأما صفة من تجب له، فأن يكون ناقص الأحكام أو الخلقة أو فيها جميعًا فنقصان الأحكام بالصغر وزوال نقصان الخلقة بالزمانة والمرض ونقصان الأمرين أن يجتمع فيه الصفتان، فإذا وجدت هذه الصفة نظر، فإن كان موسرًا فنفقته من ماله، وإن كان معسرًا فنفقته على والده.
وبه قال جماعة العلماء من غير خلاف، وحكي عن أبي ثور أنه قال: نفقة الولد الصغير على أبيه، وإن كان له مال، وهذا غلط لأن نفقة القرابة تجب على طريق المواساة، وإذا كان له مال لا يحتاج إلى المواساة، وقيل: نفقة الولد تجب بثلاث شرائط: أن يكون فقيرًا، وأن يكون ناقص الأحكام والخلقة، وأن يكون الأب قادرًا على الإنفاق عليه، وهذا يرجع إلى ما ذكرنا، وإن كان كامل الإحكام والخلقة، وكان معسرًا لا كسب له فيه طريقان.
أحدهما: لا نفقة له قولًا واحدًا.
والثانية: فيه قولان، أحدهما: له النفقة لأن المراهق يستحق النفقة، وإن كان يمكن الاكتساب فلذلك بعد البلوغ، وبه قال أحمد.
والثاني: وهو الذي نص عليه ههنا، وبه قال أبو حنيفة: لا نفقة له لأن القدرة [ق ٢١١ ب] على الكسب يمنع استحقاق الزكاة فكذلك النفقة وعلى كلا القولين لا فرق بين الأب والابنة.
وقال أبو حنيفة: الزمان شرط في الابن دون الابنة فلا تلزم نفقة الابن إذا بلغ صحيحًا ويلزم نفقة الابنة حتى تتزوج لأنه لا يمكنها الاكتساب فهي كالصغيرة. وقال مالك: هكذا إلا أنه قال: إن طلقت قبل الدخول لا تعود عند أبي حنيفة لا تعود بحال، وهذا غلط لأن كل معنى يسقط نفقة الابن يسقط نفقة الابنة كاليسار وأما ما قاله لا يصح لأنه يكفيهما الغزل والخدمة ويحصل النفقة به، وإن لم يكن له أب أو كان ولكنه معسر وله جد غني فنفقته على الجد. وبه وقال أبو حنيفة، وأحمد، وقال مالك: لا تجب النفقة على الجد لأنه يدلي بغيره كالأخ، وهذا غلط، لأن بينهما قرابة توجب العتق بالملك ورد الشهادة فتوجب النفقة كالأبوة، وإن لم يكن له جد فيلزم على أب الجد، وجد الجد، وإن علا فإن لم يكن أو كان ولكنه فقر، وله أم غنية فنفقته على أمه ولا ترجع بها على أبيه إذا أيسر، وبه قال أبو حنيفة، وقال مالك: لا تجب النفقة على الأم، وقال أبو يوسف، ومحمد: تنفق عليه الأم، فإذا أيسر الأب رجعت عليه، واحتج مالك بأن لا ولاية لها على الولد فلا يلزمها الإنفاق عليها، وهذا غلط لأن بينهما قرابة توجب رد الشهادة أو توجب العتق فأشبه الأب مع الابن، واحتج على أبي يوسف، ومحمد بأن من وجب عليه