النسب إلى الأب, وهو أهم من الحضانة التي يحصل له بالأم فقدمنا الأب عليها وقد ذكر بعض أصحابنا: أن اختلاف البلدين بأن تكون المسافة بينهما قدر ما تقتصر فيه الصلاة, فإن كانت المسافة أقل من ذلك فالأم أحق كما في البلد الواحد لأن مراعاة الأب له ممكنة في هذا القدر من المسافة, وهذا اختيار أبي حامد والقاضي الماوردي وجماعة.
وقال بعض أصحابنا: لا اعتبار بهذه المسافة لأن إذا انتقل عن بلده لا يمكنه تأديبه وتعليه ذكره في الشامل, وهو الأصح عندي, وبه قال مالك, وأحمد.
وقال أبو حنيفة: إن كانت الأم مقيمة والأب منتقلاً فالأم أحق, وإن كانت الأم متنقلة, فإن انتقلت من بلد إلى قرية فالأب أحق, لأن في البلد يمكن تأديبه بخلاف القرية, وهذا غلط لأنهما أبوان استوت حالهما واختلف بهما الدار فكان الأب أولى بالبلد كما لو انتقلت من بلد إلى قرية.
فرع:
لو كان بعض الولد حرًا وبعضه موقوفًا خير بين الأبوين بما فيه من الحرية إذا كانا حرين, فإذا اختار أحدهما اجتمع مع سيده المالك لدقة على ما يتفقان عليه في كفالته من اشتراك فيها أو مهايأة عليها أو استنابة فيها, فإن تنازعا اختار الحاكم لها أمينًا ينوب عليها في كفالته.
فرع آخر:
من يجن زمانًا ويفيق زمانًا [ق ٢٢٥ ب] لا كفالة له, لأنه في زمان الجنون زائل الولاية وربما يطرأ جنونه على عقله فلا يؤمن معه على الولد إلا أن يقل جنونه في الأحيان النادرة ولا يؤثر في التمييز بعد زواله فلا يمنع من الكفالة.
فرع آخر:
لو كان أحدهما مريضًا, فإن كان طارئًا يرجى زواله فلا يمنع, وإن كان ملازمًا كالقالج والسل, فإن أثر أو تشاغل بشدة ألمه لا كفالة له, وإن أثر في قصور حركته مع صحة عقله وقلة ألمه روعيت حاله, فإن كان ممن يباشر كفالته بنفسه سقط حقه منها لما يدخل على الولد من التقصير فيها, وإن كان ممن يراعى بنفسه التدبير ويستنيب فيما تقتضيه المباشرة كان على حقه من الكفالة سواء, كان أبًا, أو أمًا، وإذا برأ العاجز عاد إلى حقه.
فرع آخر:
لو وجد في كل واحد من الأبوين شروط الكفالة ويفصل أحدهما على الآخر بزيادة في الدين أو زيادة في المال أو زيادة في المحبة فيه وجهان:
أحدهما: أن هذا شرط معتبر يسقط به التخيير وتكون الكفالة لا فضلهما لظهور