وقال في "الحاوي": إذا كانت الأم مملوكة لم يجز أن يفرق بينهما في زمان الحضانة، وفي جواز التفرقة بينهما في زمان الكفالة ما بعد سبع سنين والبلوغ قولان، وإن كان أبوه ملكاً لسيده ففي [ق ٢٢٤ ب] إجراء حكم الأم عليه في المنع من التفرقة بينهما وجهان.
واختار الشيخ أبو حامد أن أم الولد أولى بالولد من السيد إلى سبع سنين فإذا بلغ سبعاً فالأب أولى إلا أن يعتق الأم فيخيروا المذهب الصحيح ما ذكرناه أولاً والفتوى على ما ذكره أبو حامد للمصلحة، وإن كان أحدهما كافراً والآخر مسلماً فإن المسلم منهما أولى لا يختلف المذهب فيه.
وحكي عن الاصطخري أنه قال: يخير بينهما، واحتج بما روي أن رافع بن أبان اسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ابنتي وهي فطيم. وقال رافع: ابنتي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرافع: اقعد ناحية، وقال لامرأته: اقعدي ناحية، وأقعد الصبية بينهما، ثم قال: ادعوها فمالت الصبية إلى أمها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم اهدها" فمالت إلى أبيها فأخذها.
وروي عبد الحميد بن سلمة، عن أبيه، قال اسلم أبي وأبت أمي أن تسلم وأنا غلام فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:" يا غلام اذهب إلى أيهما شئت، إن شئت إلى أبيك، وإن شئت إلى أمك" فتوجهت إلى أمي فلما رآني النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: "اللهم أهده" فملت إلى أبي وقعدت في حجره.
وحكي عن أبي حامد أنه قال: الذمية أولى بالحضانة إلى سبع سنين، فإذا بلغ سبعاً فالأب أولى وهذا غلط، لأن الحضانة جعلت لحظ الولد ولا حظ للولد المسلم في حضانة الكافر لأنه يفتنه عن دينه، وذلك أعظم الضرر، والخبر الذي ذكره منسوخ، لأن الأمة اجتمعت أنه لا يسلم الصبي إلى الكافر، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أنه يختار المسلم فلهذا خيره وكان هذا حكماً خاصاً له ولأنه لا خلاف أن أحدهما إذا كان فاسقاً والآخر عدلاً، فالعدل أولى، فإذا كان العدل أولى من الفاسق فالمسلم أولى من الكافر.
وحكي ابن أبي هريرة، وغيره عن أبي حنيفة [ق ٢٢٥ أ] أنه قال: لا تبطل كفالته [كفره، وهذا غلط لما ذكرنا، وإن كان أحدهما مأموناً والآخر غير مأمون فالمأمون أولى لأنه يستضر بغير المأمون في تربيته على خلقه، وسوء صنيعه، ونريد به العدل والفاسق، وإن اختلف بلدهما، فإن كان يريد سفراً لحاجة، ثم يعود فالمقيم أولى لأن في المسافرة به إضرار به والمقام أودع والسفر خطر، وإن أراد سفر الانتقال، فإن كان الأب منتقلاً كان أحق به من الأم، وإن انتقلت الأم إلى بلد آخر، فالأب أحق به، وهذا لأن حفظ