تفسيرين كل واحد منهما مسألة على حدة:
أحدهما: أن الابنة إذا ماتت فليس لأبيها منع أمها من دخول داره لتجهيزها ودفنها.
والثاني: أن الابنة إذا ماتت فليس لزوج الأم إذا كانت ناكحة أن يمنعها عن حضور دفن ابنتها وتجهيزها. وهذا كله من مكارم الأخلاق وقوله: ولا يمنعها معناه: إن ماتت الأم فلا ينبغي للأب أن يمنع الابنة عن حضورها, وقوله ولا تمنع من مرضها من أن تلي تمريضها من منزل أبيها تحتمل تفسيرين كما ذكرنا في موت الابنة.
مسألة:
قال: " وإِنْ كَانَ الوَلَدُ مَجْنُوتًا فَهُوكَالصًّغِيرِ".
أراد بالمخبول: لأنه في معنى الطفل الصغير الذي لا تمييز له وتكون الأم أحق به ولا يخير أبدًا لأنه لا يهتدي إلى مصلحة نفسه في موضع حظه وإن خيرناه فاختار الأب, ثم جن كانت الأم أحق به, وبطل اختياره لنفسه لأنه بطل السبب الذي له به الاختيار
مسألة:
قًالَ: " وإِنْ خُيِّرَ فَاخْتَارَ أَحَدَ الأَبَوَيْنِ ثُمَّ اخْتَارَ الآخَرَ حُوِّلَ".
قد ذكرنا أن هذا الاختيار اختيار شهوة وليس بلازم, ولو كان لازمًا لا تنظر فيه بلوغه فلما صح في صغره دل على ما قلناه ومعناه ظاهر, وهو أنه بما يختار أحدهما فإذا اختبره وعاشره نكد جانبه وكره مساكنته ومعاشرته فيميل باختياره إلى الآخر.
مسألة:
قَالَ: " وإِذَا مُنِعَتْ مِنْهُ بِالَّزوجِ فَطَلَّقَهَا طَلاَقًا يَمْلِكُ فِيهِ الَّرَّجْعَةَ أَولا يَمْلِكُهَا رَجَعَتْ عَلَى حَقّها".
إذا سقط حقها من الحضانة بالنكاح فطلقها زوجها عاد حقها وكانت أولى بحضانته من غيرها سواء كان الطلاق بائنًا أو رجعيًا وكذلك إذا كانت الأم كافرة فأسلمت أو أمة فأعتقت أو مسافرة فرجعت رجع حق الحضانة إليها [ق ٢٨ أ] في الحال.
وقال مالك: لا يعود حقها بالطلاق بحال, وقال أبو حنيفة: لا يعود حقها ما دامت في عدة الرجعة, وهذا على أصله أن الرجعية مباحة لزوجها وهو قول المزني لكنه يقول: الرجعية في حكم الأزواج ولا يقول إنها مباحة لزوجها, وهذا غلط لأنه إنما بطل حقها من الحضانة لمعنى اشتغالها بالزوج عن الولد, فإذا زال هذا المعنى عادت الحضانة.