ثم ألزم الشافعي نفسه سؤالًا، فقال: فإن قيل كيف يعود إلى ما بطل النكاح وأراد به مالكًا، قيل: لم يبطل حقها بل تراخى لمعنى فيزول بزوال ذلك المعنى ولو كان بطل ما كان لأمها يعني الجدة، وكان ينبغي إذا بطل عن الأم أن يبطل عن الجدة التي إنما حقها بحق الأم.
وقد قضى أبو بكر الصديق على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، بأن جدة ابنه أحق به منه، ثم ابتدأ سؤالًا ليكشف حق الأم من الولد قيل: لحق الأب هما والدان يحدان بالولد، فلما كان الولد لا يعقل كانت الأم أولى به على أن ذلك حق للولد لا للأبوين، لأن الأم أحنى عليه وأرق من الأب.
قال القفال: وإنما تعود لها حق الحضانة في العدة إذا رضي المطلق بأن يدخل ولدها بيته لأنها تعتد في بيته إذ للمعتدة السكنى بائنًا كانت أو رجعية، فإن لم ترض لم يكن لها هذا الحق.
فرع:
لو كانت خالية من زوج فتركت حضانتها مع القدرة، ولها أم خالية من زوج فلمن تكون الحضانة، قال الاصطخري في أدب القضاء يحتمل وجهين:
أحدهما: تكون لأمها كما لو تزوجت، وهذا اختيار أبي حامد وجماعة.
والثاني: تكون للأب، لأن حضانتها لم تبطل بالترك، وصارت كالفاصل في النكاح ولا تنتقل ولايته إلى من دونه، وهو اختيار ابن الحداد ومشايخ خراسان.
مسألة:
قَالَ:"فَإِذَا بَلَغَ الغُلاَمُ وَلي نَفْسَهُ".
الفصل:
[ق ٢٨٨ ب] إذا بلغ الصبي رشيدًا له أن يفارق أبويه، وينفرد بنفسه ولا يجوز إجباره على أن تكون معهما إلا أن الأفضل برهما وترك فراقهما، لأن الله تعالى أوصى بالإحسان إليهما مسلمين أو كافرين، ونطق القرآن بذلك من مواضع، وإن كانت أنثى فبلغت فإنا نكره لها فراق الأبوين إلى أن تضم إلى زوجها فإنها عورة ولا يؤمن عليها من انفرادها، وإن اختارت لم تمنع منه، وإذا زفت إلى زوجها، ثم طلقها، فإنا نستحب إليها أن لا تفارق أبويها كالابن ولا يكره له فراقها كما لا يكره للابن لأمها قد خيرت الرجال وعرفت الأمور فهي تحفظ نفسها من الرجال.
وقوله: فإن أمن كانت مأمونة سكنت حيث شاءت أي ثابت وتأيمت بأن طلقها