للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صبيحة الحادي والعشرين من شهر رمضان وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين".

مسألة: قال: "وينصرف حيث شاء عن يمينه وشماله". وهذا كما قال.

قد ذكرنا هذه المسألة، ولا فائدة في إعادتها ههنا إلا أنه اتبع الدليل، وهو أنه قال: لما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب التيامن، وفي الأول ذكره المزني بلا دلالة. وقال أبو حنيفة: "الانصراف على اليسار أولى، لأنه انصراف من العبادة كالخروج من المسجل يقدم رجله اليسرى، وهذا يبطل بالسلام من الصلاة". واعلم أن التيامن بالانصراف [١٢٨ أ / ٢] مثل التيامن في السلام، وذلك أنه في السلام يلتوي ويوجهه عن يمينه. كذلك في الانصراف يلتوي ببدنه عن يمينه، وهذا لأن القصد من الانصراف الإقبال على القوم، وربما يكون المأموم واحدا على يمينه، فلو التوى عن يساره ببدنه صار قفاه نحو المأموم على ما ذكرنا.

مسألة: قال: "وإن فات رجل مع الإمام ركعتان من الظهر قضاهما بأم القرآن وسورةٍ".

وهذا كما قال: إذا أدرك الإمام في الركعة الأخيرة من الصلاة، فإنها أخر صلاة الإمام وأول صلاة المأموم فعلاً وحكماً، وبه قال عمر وعلي وأبو الدرداء وسعيد بن المسيب والحسن والزهري والأوزاعي ومحمد بن الحسن واسحق.

وقال أبو حنيفة: "ما أدرك مع الإمام آخر صلاته وما يقضيه أول صلاته فعلا وآخرها حكماً، وما يقضيه آخر صلاته فعلاً، وأولها حكماً"، فوافقنا في الفعل وخالفنا في الحكم. وفائدة هذا الترتيب يتبين في مسألة، وهي أنه إذا صلى الوتر مع الإمام ركعة أو ركعتين وقنت معه إتباعاً يعيد القنوت عندنا في آخر صلاته وعندهم لا يعيد، وربما يقولون: روي عن أبي حنيفة أنه قال: يعيد القنوت، فلا يبقى معه للخلاف فائدة.

والدليل على ما قلنا: أنها ركعة مفتتحة بالإحرام، فكانت أول صلاته كالمنفرد، فإذا تقرر هذا، فلو فات مع الإمام ركعتان من الظهر، وأدرك ركعتين، فإن شاء صلى من الركعتين الأولى والثانية، فإذا سلم الإمام قام، وصلى الثالثة والرابعة.

قال الشافعي: "قضاهما بأم القرآن وسورة كما فاته"، وإن كان ذلك في صلاة المغرب، وفاتته منها الركعة الأولى وأدرك الركعة الثانية والثالثة، فإنما للإمام الأولى والثانية، فإذا سلم الإمام صلى الثالثة، ويقرأ فيها بأم القرآن وسورة، [١٢٨ ب / ٢] ويسر فيها بالقراءة.

قال المزني: "وهذا غلط قد جعل هذه الركعة في معنى الأولى، يقرأ أم الكتاب وسورة، وجعلها في معنى الثالثة من المغرب بالتعوذ"، وهذا متناقض. واختلف أصحابنا في هذا، فمنهم من قال: إنما أجاب الشافعي ههنا على القول الذي يقول:

<<  <  ج: ص:  >  >>