قراءة السورة تستحب مع الفاتحة ني الأخريين وفي الثالثة من المغرب، فأما على القول الذي يقول: لا تستحب في الآخرين ولا تستحب هها قراءة السورة، كما قال المزني. وبه قال القاضي أبو حامد. ومن أصحابنا من قال: وهو اختيار أبي إسحق، هها تستحب قراءة السورة على القولين جميعاً، لأنه فاتته فضيلة السورة في الأوليين من صلاته، فإنه لم يسمعها من الإمام، ولم يقرأها بنفسه فعليه أن يقرأها في الأخريين لتحمل له الفضيلة، وهذا مذهب الشافعي، أن السنة إذا فاتت في محلها جاز قضاؤها في مثل محلها إذا لم يكن في قضائها ترك سنة أخرى، ألا ترى أنه إذا قرأ الإمام في الجمعة في الركعة الأولى سورة المنافقين، وترك سورة الجمعة استحببنا له في الركعة الثانية قضاء سورة الجمعة وإتباعها بسورة المنافقين.
والدليل على صحة هذا أنه قال في البويطي:"يقضي بأم الكتاب وسورة كما فاته". وكذا ذكر ههنا ولم يعلل بأن آخر الصلاة محل السورة بل علل بالفوات، فإن قيل: أليس لو ترك الرمل في الأشواط الثلاثة من الطواف لا يقضيه في الأربعة الباقية، فما الفرق؟. قلنا: الفرق أن سنة الأربعة المشي وسنة الثلاثة في الابتداء الرمل، فلو قضى الرمل في ثلاثة من الأربعة المتأخرة ترك سنة الأربعة، وهي المشي وههنا لا يؤدي تضاء هذه السنة إلى ترك سنة أخرى.
فرع
إذا قلنا: بقراءة السورة، [١٢٩ أ / ٢] هل يجهر بالقراءة؟ قال صاحب "لإفصاح"، قال الشافعي في موضع:"يجهر بها". وقال في "الإملاء": "لا يجهر"، فالمسألة على قولين:
أحدهما: يجهر بها حتى يأتي بها على حسب ما فاته، أو ليدرك ما فاته من الجهر كقراءة السورة.
والثاني: لا يجهر بها لا الثالثة من المغرب، والأخريين من غيرها لا مدخل للجهر بالقراءة فيها بحال وللقراءة فيها مدخل، فجاز أن يستحب فيها القراءة دون الجهر.
وقال أصحابنا: نص الشافعي على الجهر ههنا يدل على خطأ الجواب للأول عن كلام المزني أنه قال على القول الذي يقول: يقرأ في كل ركعة سورة.
فَرْعٌ آخرُ
إذا أدرك الإمام راكعاً كبر وهو قائم معتدل ورفع يديه حذو منكبيه ثم كبر تكبيرة أخرى للدخول في الركوع ويرفع يديه حذو منكبيه، ويل خل معه في الركوع، ولو أدركه ساجداً كبر تكبيرة الافتتاح على ما ذكرنا، ثم يسجد ولا يكبر، لأنه لم يدرك محل التكبير، وإنما يفعل هذا السجود على طريق المتابعة، فإنه لا يستحب به من صلاته، فيفعل القدر الذي أدركه ورفع رأسه مكبراً وسجد سجدة أخرى مكبراً تبعاً لإمامه، ويخالف الركوع لأنه يحتسب به من صلاته، فيأتي به على هيئته.