قال الشافعي:"ولا يقتل مؤمن بكافر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مؤمن بكافر" وإنه لا خلاف أنه لا يقتل بالمستأمن وهو في التحريم مثل المعاهد. قال المزني رحمه الله: فإذا لم يقتل بأحد الكافرين المحرمين لم يقتل بالآخر. قال الشافعي رحمه الله: قال قائل: عنى النبي صلى الله عليه وسلم: لا يقتل مؤمن بكافر حربي فهل من بيان في مثل هذا يثبت؟. قلت: نعم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن فهل تزعم أنه أراد أهل الحرب لأن دماءهم وأموالهم حلال؟ قال: لا ولكنها على جميع الكافرين لأن اسم الكفر يلزمهم.
قلنا: وكذلك لا يقتل مؤمن بكافر، لأن اسم الكفر يلزمهم فما الفرق؟ قال قائل: روينا حديث ابن البيلماني، قلنا: منقطع، وخطأ إنما روي فيما بلغنا أن عمرو بن أمية قتل كافراً كان له عهد إلى مدة، وكان المقتول رسولاً فقتله النبي صلى الله عليه وسلم به، فلو كان ثابتاً كنت قد خالفته، وكان منسوخاً لأنه قتل قبل الفتح بزمان، وخطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يقتل مؤمن بكافر" عام الفتح، وهو خطأ لأن عمرو بن أمية عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم دهراً وأنت تأخذ العلم ممن بعد ليس لك به معرفة أصحابنا.
قال في الحاوي: أما تكافؤ الأحكام بالحرية والإسلام فمعتبر عندنا فيقتص من الأدنى بالأعلى ولا يقتص من الأعلى بالأدنى، وهو أن يقتل الكافر بالمسلم، ولا يقتل المسلم بالكافر، وسواء كان الكافر ذمياً، أو معاهداً، أو حربياً، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق.
قال أبو حنيفة: يقتل المسلم بالذمي، ولا يقتل بالمعاهد والحربي، وقال الشعبي: يقتل المسلم بالكتابي، ولا يقتل بالمجوسي.
واستدلوا بعموم قول الله تعالى:{وكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة: ٤٥] وبقوله: {ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩] ورواية ابن البيلماني أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل مسلماً بكافر وقال: "أنا أحق من وفي بذمته".
وبما روي أن عمرو بن أمية الضمري قتل مشركاً، فقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروي أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأله عن مسلم قتل نصرانياً فكتب إليه عمر أن يقتاد منه.
ومن القياس: أن كل من قتل به الكافر جاز أن يقتل بالكافر كالكافر.
لأن كل من قتل بأهل ملته جاز أن يقتل بغير أهل ملته كقتل اليهودي بالنصراني.