تساويهما في القود كالأجانب ولأنه لما قتل الولد بالوالد جاز قتل الوالد بالولد.
ودليلنا ما روى قتادة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقام الحدود في المساجد، ولا يقاد بالولد الوالد" وروى محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رجلاً من بني مدلج أولد جارية فأصاب منها ابناً، وكان يستخدمها، فلما شب الغلام قال: إلى متى تستأمن أمي أي: تستخدمها خدمة الإماء فغضب فحذفه بسيف أصاب رجله فقطعها، ومات فانطلق في رهط إلى عمر رضي الله عنه فقال: يا عدو نفسه أنت الذي قتلت ابنك، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يقاد الأب من أبنه" لقتلتلك هلم ديته، قال: فأتاه بعشرين ومائة بعير، قال: فخير منها مائة فدفعها إلى ورثته، وترك أباه، فإن قيل: إنما أسقط عنه القود للحذف، ودخول الشبهة فيه بما جعل له من تأديبه، وهذا المعنى مفقود في ذبحه غيلة.
قيل: هذا فاسد من وجهين إنه ليس في عرف التأديب حذفه بالسيف فلم يجز حمله عليه.
والثاني: أنه لو جاز لما استحقه من تأديبه أن لا يقال لحذفه يسقط به القود عن كل مستحق للتأديب من وال وحاكم، وهم يقادون به مع استحقاقهم للتأديب فكذلك الأب، ولأنه لا يحلو سقوط القود عن الأب في الحذف أن يكون لشبهة في الفعل، أو في الفاعل، فلم يجز أن يكون لشبهة في الفعل، لأنه لا يكون شبهة فيه مع غير الولد فثبت أنه لشبهة في الفاعل وهو الأبوة فوجب أن يسقط عنه القود مع اختلاف أحواله، ولأن الولد بعض أبيه، ولا قود على الإنسان فيما جناه على نفسه كذلك لا قود عليه في ولده لأنه بعض نفسه.
واستدلاله بالظواهر مخصوص وقياسه على الأجانب ممنوع بما ذكرناه من البعضية واعتباره بقتل الولد بالوالد فاسد لتسويته في الولد بين الذبح، والحذف، وفرقة في الأب بين الذبح والحذف، وأنه يحد الولد بقذف الوالد، ولا يحد الوالد بقذف الولد، وهذا انفصال ودليل.
فإن قيل: فكيف قال الشافعي فيما خالف فيه مالك: لأنه إجماع، وكيف ينعقد الإجماع مع خلاف مثله فعنه جوابان:
أحدهما: أنه أراد به الصحابة لأن قول عمر رضي الله تعالى عنه ولم يخالف أحدهم.
والثاني: أنه قتله حذفاً إجماع لا يعرف فيه خلاف فكان الذبح بمثابة فأما المزني