فإنه لما رأى الشافعي يقول: إن الجد كالأب في أنه لا يقتل بولده ولده قال: يجب أن يكون الجد كالأب في حجب الإخوة عن الميراث. قيل: إنما قال: إن الجد كالأب لأجل الولادة ولا يقتضي أن يحجب به الإخوة، كما تجعل الأم وأباها كالأب في سقوط القود، ولا تجعلها كالأب في حجب الإخوة.
فصل:
فإذا ثبت أن لا قود على الأبوين ومن علا من الأجداد والجدات من ورث منهم أو لم يرث فسواء كان الوالد القاتل حراً أو عبداً مسلماً أو كافراً، ويعزر لإقدامه على معصية، وعليه الدية والكفارة في ماله، ولا ميراث له منه، لأن القاتل لا يرث.
فصل:
وإذا تنازع رجلان في أبوة ولد ثم قتلاه أو أحدهما فلا يخلو من أحد أمرين:
إما أن يكون لقيطاً قد أدعاه كل واحد منهما ولداً فعند أبي حنيفة: أنه يلحق بهما.
وعلى مذهب الشافعي: أنه يعرض على القافة، ويلحق بمن ألحقوه به منهما، فإن عدمت القافة، وأشكل عليهم وقف إلى زمان الانتساب لينتسب إلى أحدهما بطبعه، وللكلام معه موضع غير هذا، وإذا كان كذلك فللمدعي أبوتة ثلاثة أحوال:
أحدها: أن يكونا مقيمين على ادعائه، والتنازع فيه، فإن قتلاه فلا قود عليهما، لجريان حكم الأبوة عليهما، وإن لم يتعين في أحدهما، لأن كل واحد منهما يجوز أن يكون أباه وإن قتله أحدهما قبل البيان فلا قود عليه سواء لحق بالقتل أو بالآخر، لثبوت الشبهة فيه عند قتله.
والثانية: أن يسلمه أحدهما إلى الآخر قبل القتل فيلحق بمن سلم إليه، ويصير ابناً له دون الآخر، فإن قتله من ألحق به فلا قود عليه، لأنه أب له، وإن قتله من نفي عنه أقيد به، لأنه أجنبي منه، وإن قتلاه معاً فلا قود على الأب، ويقاد من الآخر.
والثالثة: أن يرجعا جميعاً عن ادعائه فلا يقبل رجوعهما، وإن قبل رجوع أحدهما، لأنه قد صاراً بدعواهما مستحقاً لأبوة أحدهما فإذا سلمه أحدهما صارا متفقين على إثبات أبوته فقبل منهما، وإذا رجع عنها صاراً متفقين على إسقاط أبوته فلم يقبل منهما.
فإن قتلاه أو أحدهما لم يقتل به لبقاء حكم الأبوة بينهما.
وإن تنازعا لاشتراكهما في الفراش، أو تناكراه مع اشتركهما في الفراش، فالحكم فيهما سواء، وكذلك لو سلمه أحدهما إلى الأخر لم يقبل منه بخلافهما في دعوى اللقيط، لأن حكم الأبوة في اللقيط يثبت بالدعوى، فجاز تسليمه لأحدهما.
وفي ولد الموطوءة ثبت حكم الأبوة بالاشتراك في الفراش فلم يؤثر فيه التسليم