وأما الغسل للجنابة فينقسم أيضاً هذه الأقسام الثلاثة، إلا أنه مما يستحب له الوضوء يجب له غسل الجنابة، مثل قراءة القرآن، والليث في المسجد، فإذا نواه بالغسل ضح وجهاً واحداً، وإن نوى غسل الجنابة أو رفع الحدث عن جميع بدنه أجزأه (٠) ولو نوى في غسله الاحتباس في المسجد، أو نوى به الحدث في الوضوء هل يرتفع حدثه؟ وجهان؛ لأن الغسل والوضوء لهذا هو مستحب غير واجب.
فرع
لو كان جنباً فاغتسل ينوي بنية الجمعة. قال أكثر أصحابنا: لا يجزيه عن الوضوء؛ لأن قصد التنظف به لا ينافي حصول الطهارة به لصلاة الجمعة؛ لأن من لا يريده [٤٨ أ/ ١] للصلاة فلا يستحب له. وقد قال صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة:"من توضأ فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". فدل أن الغسل ينوب مناب الوضوء.
فرع
لو نوى بوضوئه، طهارة مطلقة. قال في "البويطي" يجوز، وهو اختيار القاضي الإمام أبى الحسن صاحب "الحاوي"، لأن الطهارة ترفع الحدث. وقال سائر أصحابنا: لا يجوز، ومعناه نوى طهارة من الحدث، وقصده أن يبين أنه يجزيه وإن لم ينو به فعل الصلاة.
فرع أخر
لو توضأ المحدث ينوي تجديد الطهارة، هل يرتفع حدثه؟ فيه وجهان: أحدها: يرتفع لأن نيته تضمنته. والثاني: لا يرتفع، لأنه قصد به التطوع ولا يتضمن رفع الحدث، وهو المذهب.
فرع آخر
لو نسي الجناية فاغتسل بنية رفع الحدث الأصغر أجزأه في أعضاء وضوئه، وهو الوجه، واليدين، والرجلان؛ لأن غسل هذه الأعضاء واجب فيهما. وفيه وجه آخر لا يجزئه أصلاً؛ لأنه لم ينو الجناية.
فرع أخر
لو نسي الجناية فنرى رفع الحدث مطلقاً، فالجواب ما ذكرنا وفيه وجه آخر يجوز غسله تاماً؛ لأن الجناية حدث. وقال في "الحاوي": لو أصابته الجناية وحدها فنوى رفع الحدث ولم يقل الأكبر يجوز؛ لأن نيته تنصرف إلى حدثه الذي هو فيه. ولو كان به حدثان أصغر وأكبر فاغتسل ونوى ذلك، فلو قلنا: يسقط الأصغر بالأكبر فيجزيه عن حدثه [٤٨ ب/ ١] الأكبر. وإن قلنا: لا يسقط لا يجزيه عن واحد منهما لامتيازها وإن إطلاق النية يقتضي التشريك بينهما. ولو قيل: يجزيه عن الحدث الأصغر لأنه أخفهما كان مذهباً.