أعلم، قال: أشقى الأولين عاقر ناقة صالح، وأشقى الآخرين من خصب هذه من هذا، وأشار إلى خضاب لحيته من دم رأسه، فيجوز أن يكون الحسن عرف بهذا الخبر كفر ابن ملجم لعنه الله لاعتقاده استباحة قتل علي فقتله بذلك.
وأما قياسهم على ولاية النكاح فعنه جوابان:
أحدهما: أن ولاية النكاح يستحقها الأكابر دون الأصاغر، فجاز أن ينفرد بها الأكابر والقود يستحقه الأكابر والأصاعر فلم يجز أن ينفرد به الأكابر.
والثاني: أن ولاية النكاح يستحقها كل واحد منهم فجاز أن ينفرد بها أحدهم، والقود يستحقه جميعهم فلم يجز أن ينفرد به بعضهم.
فأما ما ذكره من تفرد الإمام بالقود فيمن ورثه جماعة المسلمين، فالجواب عنه أنه لما لم يتعين مستحقه وكان للكافة، تفرد به من ولي أمورهم، وهذا قد تعين مستحقه فافترقا.
فصل:
فإذا ثبت وقوف القود على بلوغ الصبي وإفاقة المجنون وجب حبس القاتل إلى وقت البلوغ والإفاقة ليحفظ حقهما بحبسه ولا يطلق، وإن أعطى كفيلًا بنفسه؛ لأنه حق لا يملك استيفاؤه إلا منه، والمتولي لحبسه الإمام دون الولي؛ لأن أمر الحاكم أنفذ من أمره، فإن أراد الولي أن يلازمه لم يمنع، ولا يقف حبس الحاكم له على الاستعداء إليه، وينفرد به إذا ثبت عنده القتل لما يجب عليه من حفظ الحقوق على من يولي عليه، ولو كان في الورثة رشيد غائب لم يلزم الحاكم حبس القاتل إلا بعد الاستدعاء إليه، لأن مستحق القود رشيد لا يولي عليه، وهكذا لو غصب دارًا لغائب جاز للحاكم أن ينزعها من الغاصب إن كان مالكها موليًا عليه، ولم يجز أن ينتزعها منه إن كان مالكها رشيدًا، فإن أراد ولي الصغير والمجنون أن يعفو عن القود إلى غير مال لم يجز، وإن أراد العفو عن القود إلى الدية نظر في الصغير والمجنون، فإن كانا موسرين غير محتاجين إلى المال لم يكن للولي العفو عن القود، وإن عفا بطل عفوه، وإن كانا فقيرين فهذا على ضربين:
أحدهما: أن يكون لهما من يجب عليه نفقتهما، فلا يجوز لوليه أن يعفو عن القود لاستغنائهما ممن وجب عليه نفقتهما.
والثاني: أن لا يكون لهما من يلتزم نفقتهما وهما من ذوي الفاقة إلى قدر نفقتهما، ففي جواز عفو وليهما عن القود وجهان:
أحدهما: يجوز للضرورة اعتبارًا بمصلحتهما.
والثاني: لا يجوز لما فيه من إسقاط حقهما، ويحتمل وجهًا ثالثًا أن يعتبر حال