هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا قود إلا بالسيف".
وروي عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا قود إلا بحديدة".
وروي أن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه حرق قومًا بالنار ادعوه إلها فقال له ابن العباس: لو كنت أن لم أقتلهم إلا بالسيف, فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يعذب بالنار إلا رب النار", ولأن استحقاق القتل يمنع من استيفائه بغير السيف كالمرتد وكالقاتل بالسيف, ولأن تقويت النفوس المباحة لا يجوز إلا بالمحدد كالذبائح, مع أن نفوس الآدميين أغلظ حرمة من نفوس البهائم.
ودليلنا قوله تعالى" {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤]
وقال تعالى: {وجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠]
وروى البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه".
وروى أنس أن رجلًا من اليهود شدخ رأسه جارية من الأنصار فقتلها, وأخذ من حليها, فأمر به رسول الله فشدخ رأسه بين حجرين حتى قتل, ولأن كل آله قتل مثلها جاز استيفاء القصاص بمثلها الكسيف.
ولأن القصاص موضوع للماثلة وهي معتبرة في النفس فكان أولى أن تعتبر في ألة القتل.
ولأن القتل مستحق لله تعالى تارة للآدميين تارة, فلما تنوع في حق الله تعالى نوعين بالحديد تارة, وو بالمثقل في رجم الزاني المحصن, وجب أن يتنوع في قوق الآدميين نوعين بمثقل وغير مثقل.
وتحريره قياسًا: أحد القتيلين فوجب أن يتنوع استيفاء نوعين كالقتل في حقوق الله تعالى.
فأما الجواب عن قوله: "لا قود إلا بالسيف".
وقوله: "إلا بحديدة", فمحمول على القتل إذا كان بسيف أو حديدة, ورواية ابن عباس: "أن لا يعذب بالنار إلا رب النار" فوارد في غير القصاص, لأن القصاص مماثلة ليس بعذاب, وإنما هو استيفاء حق, وكذا الجواب عن قياسهم على قتل المرتد.
وأما قياسه على الذبائح مع فساده يرجم الزاني المحصن فالمعنى فيه: أن المماثلة غير معتبرة فيه, وأن المحل الذبح معين, فجاز أن تكون الآلة معينة, ولما اعتبرت المماثلة بمحل الجناية اعتبرت بمثل آلتها.