فصل:
فإذا ثبت اعتبار المماثلة في القصاص بكل ما يقتل بمثله, فهو على العموم بكل ما قتل, إلا بثلاثة أشياء:
أن يقتل بالسحر, أو باللواط, أو يسقي الخمر, فلا يقتل بالسحر وإن قتل ولا يقتل باللواط وإن لاط به, ولا يقتب بسقي الخمر وإن سقاه, ويعدل إلي قتله بالسيف.
وحكي عن أبي إسحاق المروزي: أنه يقتل في قتل اللواط بإيلاج خشبة, وفي سقي الخمر بسقي الخل, وهذا فاسد, لأنه لما تعذرت المماثلة لحظرها على الفاعل والمفعول به, ولم يكن في العدول عنها مماثلة, كان السيف أحق, فأما إذا قتل بالسم المهري احتمل القصاص بمثله وجهين:
أحدهما: جوازه اعتبارًا بإمكانه.
والثاني: لا يجوز لأمرين:
أحدهما: أنه لا يمكن غسله, كذلك وهو حق لله تعالى علينا.
والثاني: أنه ربما تعدى ذلك إلي من باشر غسله وتكفينه.
فصل:
نبدأ بما بدأ به المزني من حرقه بالنار, فيكون الولي بالخيار بين أن يعدل عن حرقه بالنار إلي قتله بالسيف, فله ذاك؛ لأنه أوجى وأسل, فيضرب عنقه, ولا يعدل عنه, فإن عدل عن العنق إلي غيره من جسده أساء وغرر, وقد استوفي قصاصه, وإن أراد أن يقتص منه بإحراقه بالنار كان له, وروعي ما فعله الجاني من إحراقه فإنه على ضربين:
أحدهما: أن يكون قد ألقى عليه نارًا, فيكون الولي بالخيار بين أن يلقى عليه النار حتى يموت وبين إلقائه في النار, لأنه أوجى.
والثاني: أن يكون قد ألقاه في النار, فلوليه أن يلقيه في النار, وليس له أن يلقى عليه النار, لأنه أغلظ عذابًا, وإذا ألقاه في النار كان له أ، يلقيه في مثلها, وما هو أكثر منها, وليس له أن يلقيه فيما هو أقل منها, لأنه أغلظ عذابًا, كما لو لو قتله بسيف, كان له أن يقتله بمثله وما هو أمضى, وليسه له أن يقتله بما هو أقل, ويخرج من النار إذا مات قبل أن يشوي جلده, ليمكن غسله وتكفينه, ولا تماثل بالمحرق إن أكلته النار لما علينا من استيفاء جسده في حقوق الله تعالى.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "وإن ضربه بحجر فلم يقلع عنه حتى مات أعطي