البعد أو مثل سدة الأرض وكذا عدد الضرب بالصخرة فإن مات وإلا ضربت عنقه فالقياس على ما مضى في أول الباب أن يمنعه الطعام والشراب حتى يموت كما قال في النار والحجر والخنق بالحبل حتى يموت إذا كان ما صنع بع من المتلف الوحي".
قال في الحاوي: وهو صحيح مولى الغريق بالخيار بين قتل المغرق بالسيف لأنه أوجى وبين تغريقه؛ لأن المماثلة في التغريق ممكن, ويجوز أن يغرقه في ذلك الماء وفي غيره, فإن غرقه في ماء ملح كان له أن يغرقه في ماء الملح وفي العذب؛ لأن العذب اسهل, وإن غرقه في العذب لم يجز أن يغرقه في الملح, لأنه أشق, وإن كان يححسن العوم ربط حتى لا ينجو منه ثم يخرج بعد موته حتى يصلي عليه ويواري, سواء فعل ذلك بالغريق الأول أو لم يفعل, فإن كان في مالء من حيتانه ما يأكل غرقًا, فإن لم يأكل الحيتان الغريق الاول لم يلق المقتص منه إلا في ماء يؤمن ان يأكله حيتانه, وإن أكلته الحيتان ففي جواز إلقائه فيه لتأكله حيتاه وجهان إذا اقتصرت الحيتان على إفاتة نفسه دون استهلاك جسده, فإن استكلته لم يجز لوجوب حق الله تعالى في مواراة جسده.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه: "ولو قطع يديه ورجليه فمات فعل به الولي ما فعل بصاحبه فإن مات وإلا قتل بالسيف".
قال في الحاوي: وهذا صحيح ولي المقطوع يداه ورجلاه إذا سرت إلي نفسه بالخيار بين ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يضرب عنقه, فيجوز له ذلك باتفاق, لأن النفس يقتص من تلفها بالسراية كما يقتص من تلفها بالتوجيه.
والثانية: أن يقتص من يديه ورجليه ويعفو عن القصاص في النفس فيجوز, لأن لما كان الاقتصاص منها مع عدم السراية كان مع السراية أولى, فإن اقتص وعفا عن النفس إلي الدية لم يستحقها, لأنه قد استوفي بقطع اليدين والرجلين أكثر منها, وهذا من المواضع النادرة التي يجوز أن يقتص فيها من النفس ولا يملك ديتها, وقال أو حنيفة: إذا عفا عن النفس بعد الاقتصاص من الطرف لزمته دية الأطراف, استدلالًا بأن الأطراف تبع للنفس, فإذا سقط بالعفو القصاص في النفس التي هي أصل سقط في الأطراف التابعة لها, لأن القصاص لا تبعض فصار آخذًا لها بغير قصاص, فلزمه ديتها, ولا دية عليه عند الشافعي للأطراف مع العفو عن النفس.
وبه قال أبو يوسف, ومحمد.
ودليلنا هو أن ما لم يضمن من الأطراف إذا اندملت فأولى أن لا يضمن إذا سرت,