للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى مات إنه يحبس فإن لم يمت في تلك المدة قتل بالسيف".

قال في الحاوي: أما إذا أراد الولي أن يعدل عن حبسه إلي قتله بالسيف كان له, ليس في اختلاف المحابس زيادة, ثم لا يخلو حاله إذا حبس من ثلاثة أحوال:

أحدهما: أنه يموت كأنه قد حبس المقتول عشرة أيام مات فيها, فحبس هو فمات في خمسة أيام, فالواجب إخراجه ليواري ويدفن, ولا يترك بقية بالمدة فيتغير لحمه.

والثانية: أن يموت في مثلها فقد تساويا في المدة والتلف.

والثالثة: أن يحبس مثل تلك المدة فلا يموت فيها ففيه قولان:

أحدهما: يستدام حبسه حتى يموت.

والثاني: يقتل بالسيف بعد انقضاء المدة.

فصل:

فإن حبسته في بيت مفعى فنهشته أفعى فمات نظر, فإن كانت أفاعيه تغيب عنه وتعود إليه فلا ضمان عليه, وإن كانت مقيمة فيه نظر حال البيت, فإن كان واسعًا يزيد على طول الجبة ومنتهى نفخها فلا ضمان عليه, لتمكنه من البعد عنها إذا قربت, وإن كان ضيقًا يقصر عن طولها ومدى نفخها روعي البيت, فإن كان فيه كوى ونقاب تتسرب فيه الأفاعي فلا ضمان عليه, لأن من عادة الأفعى أن تغيب عن مشاهدة الإنسان, وإن كان مسلمًا لا كوة فيه ولا نقبل فعليه ضمان ديته, ولا قود عليه في نفسه, لأنه كعمد الخطأ إلا أن نهشته الأفعى بيده وهي من الأفاعي القاتلة بيجب عليه القود واختلف أصحابنا فيما يقاد به على وجهين:

أحدهما: يقاد بالسيف؛ لأن الأفاعي غير متماثلة ولا نهشاتها متساوية.

والثاني: أن يقاد بإنهاش الأفعى له, فإن كانت تلك الأفعى موجودة لم يعدل إلي غيرها, وإن فقدت التمس مثلها, فإن نهشته فمات فقد استوفي, وإن لم يمت فعلى قولين:

أحدهما: يعاد عليه نهشها حتى يموت.

والثاني: يقتل بالسيف.

فأما إذا حبسه في بيت مع سبع حتى افترسه فهذا قاتل, لأن ضراوة السبع طبع لا تزول في الأغلب, وفي القود منه بإضرار السبع عليه وجهان, على ما ذكرنا في نهشه الأفعى لعدم التماثل في الجناية والقود, ويمنع السبع من أكل لحمه بعد قتله لحرمته.

مسألة:

قال الشافعي رحمه الله: "وكذا قال لو عرفه في الماء وكذلك يقليه في مهواة في

<<  <  ج: ص:  >  >>