أحدها: أن تنبت كأخواتها في القد واللون، فلا قود فيها ولا دية.
والثانية: أن تنبت أقصر من أخواتها فالظاهر من قصرها أنه من قلع ما قبلها قبل أوانه فصار منسوبا إلى الجاني فيلزمه دية السن بقدر ما نقص من السن العائد، فإن كان النصف فنصف ديتها، وإن كان الثلث فثلثها.
والثالثة: أن تنبت في قد أخواتها لكنها متغيرةً اللون بخضرةً أو سواد، فالظاهر أنه من الجنايةً، فيؤخذ الجاني بأرش تغييرها، وإن مات المقلوع سنه قبل الوقت الذي قدره أهل العلم بالطب لعودها فلا قود فيها، لأن الظاهر أنه لو بقي لعادت، والقصاص حد يدرأ بالشبهة.
وأما الدية ففي استحقاقها وجهان: أحدهما: يستحق، لأن قلعها مستحق وعودها مع البقاء متوهم، فلم يسقط بالظن حكم اليقين.
والثاني: لا يستحق الدية اعتبارًا بالظاهر كما لم يجب القود اعتبارًا به.
فصل:
وإذا كان المقلوع سنه مثغورًا فعادت سنه ونبتت ففيها قولان:
أحدهما: أنه يصير كغير المثغور إذا عادت سنه بعد قلعها تكون هي الحادثة عن المقلوعةً، فلا يجب فيها قصاص ولا دية كما لو جني على عينه فأذهب ضوءها ثم عاد الضوء كان هو الأول ولم يكن حادثًا عن غير، فلو كان قد تقدم الاقتصاص منها لم يقتص للجاني منها، لأن المستوفي على وجه القصاص لا يجب فيه القصاص لكن له الدية يرجع بها على المجني عليه لأخذه القصاص من سن لا يستحق فيها القصاص.
والثاني: أن هذه السن الحادثة هبة من الله مستجدة وليست حادثة من المقلوعة، لأن الظاهر من حال المثغور أن سنه إذا انقلعت لم تعد، فلا يسقط بعودها قصاص ولا دية، فيقتص من الجاني وإن عادت من المجني عليه بخلاف من لم يثغر، لأن سن المثغور لا تعود في غالب العادة، وسن غير المثغور تعود في الأغلب، وخالف ضوء العين إذا عاد بعد ذهابه، لأنه كان مستورًا بحائل زال فأبصر بالضوء الأول لا بضوء تجدد وهذه سن تجددت فافترقا، ويتفرع على هذين القولين فرعان:
أحدهما: أن يقلع رجل سنا فيقتص من سن الجاني بسن المجني عليه، ثم تعود سن الجاني فتنبت.
فإن قيل: إن السن العائدة في المثغور هي هبةً مستجدةً وليست حادثةً عن الأولى، فلا شيء على الجاني بعود سنه من قصاص ولا دية لاستيفاء القصاص منه، وما حدث بعده هبةً من الله تعالى له.
وإن قيل: إن السن العائدة في المثغور هي الحادثةً عن الأولى، ففي وجوب