والثاني: يسقط القصاص منها ويرجع بديتها، وإن قال المخرج لليسرى أخرجتها لتكون بدلًا من اليمنى أخرج يسراه وعليه قصاص في يمناه سئل قاطعها: هل قطعتها بدلًا من اليمنى أم لا؟ فإن قال: لم أقطعها بدلًا كان عليه القصاص في يسراه، وله القصاص في يمنى الجاني، لأنه لما لم يسقط بذلك حقه من القصاص في اليمنى لم يسقط عنه القصاص في اليسرى، ولم يكن بذل مخرجها مسقطا لقصاصه لها، لأنه بذلها لتكون معاوضة باليمنى، فإذا لم تكن عوضًا سقط حكم البذل، وإن قال: قطعتها بدلًا لتكون قصاصًا من اليمنى سئل: هل علمت أنها اليسرى أو لم تعلم: فإن علم أنها اليسرى سقط قصاصه من اليمنى، وكان عليه دية اليسرى وله دية اليمنى فيتقاصان، لأنهما ديتا عمد في أموالهما، فإن تفاضلت ديةً أيديهما لكون أحدهما رجلًا والآخر امرأةً تراجعا فضل الدية وإن ظنها اليمنى ولم يعلم أنها اليسرى ففي سقوط القصاص ما قدمناه من الوجهين.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:((ولو كان ذلك في سرقة لم يقطع يمينه ولا يشبه الحد حقوق العباد)).
قال في الحاوي: وصورتها: أن يستحق قطع يمين السارق فيخرج يسراه فتقطع فقد قال الشافعي في موضع القديم: القياس أن تقطع يمناه والاستحسان ألا تقطع فصار قوله في القديم لم يلزم من تقديم على الاستحسان، لأنه لا يجوز أن يؤخذ يسرى السارق بيمناه كالقصاص وقطع اليمنى بعد قطع اليسرى إذا اندملت، فعلى هذا إذا أخرجها السارق مبيحا لها لا قصاص فيها ولها دية، وإن أخرجها لتقطع في السرقة بدلا من يمناه فليستفد بها منه.
وإن عمد الجلاد قطع اليسرى وعلم بها اقتص منه يد السارق، وإن لم يعلم فلا قصاص عليه وفي وجوب الدية وجهان:
أحدهما: يجب عليه ديةً للصيد، لأن ما وجب في القود في عمده وجبت الدية في خطئه.
والثاني: لا ديةً عليه، لأنه في الخطأ متسلط، وفي العمد ممنوع هذا ما يقتضيه مذهبه في القديم.
فأما قوله في الجديد فلم يختلف أن أخذ اليسرى في السرقة مجزئ عن قطع اليمنى، وإن لم يجز في القصاص.
والفرق بينهما من ثلاثة أوجه:
أحدها: أن حقوق الله تعالى موضوعة على المساهلةً والمسامحةً، وحقوق العباد