الورق اثني عشر ألف درهم" وإذا صح هذان الحديثان فالذهب والورق أصلان مقدران كالإبل, ولأن ما استحق في الدية أصلًا مقدرًا كالإبل. ووجه قوله في الجديد ما رواه سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم دية الخطأ على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق ويقومها على أثمان الإبل, فإذا قلت الإبل رفع من قيمتها, وإذا هانت برخص منها نقص فبلغت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربعمائة دينار إلي ثمانمائة دينار أو عدلها". وروي أن أبا بكر رضي الله عنه قوم لما كثر المال وغلت الإبل مائة من الإبل من ستمائة دينار إلي ثمانمائة دينار, حكاه أبو إسحاق في شرحه. وروى سفيان بن الحسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة دينار, وكانت كذلك حتى استخلف عمر فغلت الإبل, فصعد المنبر فخطب وقال: ألا إن الإبل قد غلب فقضى- يعني في الدية - على أهل الذهب بألف دينار, وعلى أهلي الورق اثني عشر ألف درهم لأن الإبل إذا كانت هي المستحقة وجب أن يكون العدول عند إعوازها إلي قيمتها اعتبارًا بسائر الحقوق وبالحرية المقدرة بالذهب إذا عدل عنه رجع إلي قيمته فهذا توجيه القولين.
فصل:
مع أبي حنيفة لا يعد عن إبل الدية إذا وجدت, وخير أبو حنيفة بين الإبل وبين الدراهم والدنانير استدلالًا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بجميعها, فدل على التخيير فيها ولأن العاقلة تتحملها مواساة مكان التخيير فيها أرفق ككفارة اليمين, ولأن الدراهم والدنانير أصول الأموال فلم يجز أن تجعل فرعًا للإبل.
ودليلنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطون أولادها", فاقتضى أن تكون الإبل أصلًا لا يعدل عنها إلا بعد العدم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أكرموا الإبل فإن فيها رقوء الدم" فخصها بهذه الصفة, لأنها تبذل الدية فيعفها بها عن القود فدل على اختصاصها بالحكم.
وروى عطاء قال: كانت الدية بالإبل حتى قومها عمر بن الخطاب, قال