أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي: يصح فيه العمد المحض الموجب للقود, لأن الاصطدام قاتل, وتكون الدية فيه حالة في مال الصادم دون عاقلته.
والوجه الثاني: وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنه لا يصح فيه العمد المحض, لأنه قد يجوز أن يقتل ويجوز أن لا يقتل, وتكون الدية فيه مغلظة على عاقلة الصادم.
صفة الخطأ المحض أن يكونا أعميين أو بصيرين مستديرين: وصفة عمد الخطأ أن يكونا بصيرين مستقبلين.
وصفة العمد المحض أن يكونا مستقبلين يقصدان القتل, فإن كان أحدهما مستقبلًا والآخر مستديرًا كان المستدير خاطئًا والمستقبل عامدًا, فإن قصد القتل فهو عمد محض, وإن لم يقصده فهو عمد الخطأ, وحكمة ما قد مضى.
فصل:
وإذا كان كذلك لم يخل حال الراكبين من ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يكونا حرين.
والثاني: أن يكونا مملوكين.
والثالث: أن يكون أحدهما حرًا والآخر مملوكًا.
فإن كانا بالغين عاقلين فلهما خمسة أحوال:
أحدها: أن يموت الراكبين والدابتان, فيكون في مال كل واحد منهما نصف قيمة دابة صاحبه, ولا تحملها العاقلة لاختصاص العاقلة بحمل ديات الآدميين دون البهائم فيتقاص المصطدمان بما لزم كل واحد منهما لصاحبه من قيمة نصف دابته, ويتراجعان فضلًا إن كان فيه, ويجب على عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه مخففة إن كان خطأ محضً, ومغلظة إن كان عمدًا شبه الخطأ, ولا قصاص من العاقلتين فيما تحملاه من ديتهما إلا أن يكون عاقلتهما ورثتهما فيتقاصان ذلك؛ لأنه حق لهما وعليهما.
والحال الثانية: أن يموت الراكبان دون الدابتين, فيلزم عاقلة كل واحد منهما نصف دية صاحبه ولا يتقاضانها إلا أن تكون العاقلتان وارثي المصطدمتين.
والحال الثالثة: أن تموت الدابتان دون المصطدمين, فيلزم كل واحد منهما نصف قيمة دابة صاحبه في ماله ويتقاضانها.
والحال الرابعة: أن يموت أحدهما ودابته دون الآخر ودون دابته, فيضمن الحي نصف قيمة الدابة الميتة, وتضمن عاقلته نصف دية الميت.
والحال الخامسة: أن يموت أحدهما دون دابته وتموت دابة الآخر دونه فيكون نصف دية الميت على عاقلة الحي, ونصف قيمة دابة الحي في مال الميت, ولا يتقاضان قيمة الدابة من الدية, وإن كانت العاقلة وارثة, لأن الحي لا يورث, ويجيء فيها حال