الحر نصف قيمة العبد، ووجب نصف دية الحر في المستحق من نصف قيمة العبد فصار من وجب عليه نصف القيمة هو الذي وجبه له نصف الدية فيكون ذلك قصاصا، ولا يخلو ذلك من ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يتساوى نصف قيمة العبد ونصف دية الحر فيقع الوفاء بالقصاص.
والثاني: أن يكون نصف قيمة العبد أكثر من نصف دية الحر، فيرجع سيد العبد في تركة الحر بالفاضل من نصف قيمة عبده.
والثالث: أن يكون نصف دية الحر أكثر من نصف قيمة العبد، فيكون الفاضل من نصف الدية هدرا لبطلان محله.
وإن قيل: إن نصف قيمة العبد على عاقلة الحر فإن كان عاقلة الحر هم ورثته فقد وجب عليهم نصف قيمة العبد ووجب لهم نصف دية الحر، فيكون ذلك قصاصا، فإن فضل للسيد من نصف قيمة العبد فضل أخذه من العاقلة، وإن فضل من نصف الدية فضل كان هدرا، وإن لم يكن العاقلة ورثة الحر وكان ورثة غيرهم وجب على العاقلة لسيد العبد نصف قيمته، ووجب لورثة الحر في المستوفي من قيمة العبد نصف ديته، ولا يكون قصاصا، لأن من وجب له غير من وجب عليه، فإن استوي نصف قيمة العبد ونصف دية الحر ففي كيفية القبض والأداء وجهان محتملان:
أحدهما: يستوفي سيد العبد عن عاقلة الحر نصف القيمة ويؤديه إلى ورثة الحر في نصف الدية ليقبضها بحق ملكه ويدفعها بحق التزامه.
والوجه الثاني: أن ينتقل الحق إلى ورثة الحر، وليس لسيد العبد أن يقبضه، لأنه مستحق، وربما تلف بين قبضه وإقباضه فتلف على مستحقه، فصار ما استحقه السيد من نصف القيمة متنقلا إلى ورثة الحر بما استحقوه من نصف الدية وإن كان نصف قيمة العبد أكثر من نصف الدية أخذ سيده الفاضل من نصف قيمته بعد أن يستوفي ورثة الحر نصف ديته، وإن كان نصف الدية أكثر من نصف قيمة العبد كان الفاضل ونصف الدية هدرا، وبالله التوفيق.
فصل:
إذا جذب رجلان ثوبا بينهما فتخرق، فإن كان الثوب لهما فعلى كل واحد منهما لصاحبه ربع أرش خرقه، لأنه يملك نصف الثوب، وخرقه بفعله وفعل شريكه مسقطا ما قابل فعل شريكه فيتقاضان ذلك، لأن كل واحد منهما يجب عليه مثا ما يجب له، وإن كان الثوب لأحدهما كان نصف أرشه هدرا، لأنه مقابل لفعل مالكه، ونصف الأرش على الذي لا ملك له فيه، وإن كان الثوب لغيرهما كان على كل واحد منهما نصف أرشه لمالكه.