وإذا اصطدم رجلان بإناءين فيهما طعام فانكسر الإناءان واختلط الطعامان ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف قيمة إناثه، وكان نصفه الباقي هدرا، وأما الطعامان فضربان:
أحدهما: أن يكون تمييز أحدهما عن الآخر بعد اختلاط كالسويق والسكر الصحيح، فيميز كل واحد منهما طعامه من طعام صاحبه، فإن احتاج تمييزهما إلى أجرة صانع كانت بينهما، فإن كان لتمييزهما بعد اختلاطهما نقصان في قيمتهما رجع كل واحد منهما على صاحبه بنصف أرش بنقصان طعامه.
والضرب الثاني: أن لا يمكن تمييزهما بعد اختلاطهما كالسويق والعسل، فيقوم كل واحد من الطعامين على انفراده، ثم يقومان بعد الاختلاط فإن لم يكن فيهما نقصان فلا غرم وصارا شريكين فيه بتقدير الثمنين، كأن قيمة السويق خمسة دراهم وقيمة العسل عشرة دراهم فيكون صاحب الويق شركيا فيه بالثلث، وصاحب العسل شريكا فيه بالثلثين فإن باعاه اقتسما ثمنه على قدر شركتهما، وإن أراد قيمة بينهما جبرا لم يجز، لأن كل واحد منهما معاوض عن سويق بعسل، وذلك بيع لا يدخله الإجبار وإن أراد قسمة عن تراض ففي جوازه قولان:
أحدهما: يجوز إذا قيل: إن القسمة بيع بدخول التفاضل فيه، وإن نقض باختلاطهما ضمن كل واحد منهما لصاحبه نصف أرش الناقض من طعامه وتضاقا، ثم كانا في الشركة على ما ذكرناه، وبالله التوفيق.
مسألة:
قال الشافعي رضي الله عنه:((وكذلك لو رموا بالمنجنيق معا فرجع الحجر عليهم فقتل أحدهم فترفع حصته من جنايته ويغرم عاقلة الباقين باقي ديته)).
قال في الحاوي: وهذا كما قال، إذا جذب جماعة حجر منجنيق فأصابوا به رجلا فقتلوه فهو على ضربين:
أحدهما: أن يقتلوا به رجلا من غيرهم، فضمان نفسه على جميعهم وبهم في إصابته ثلاثة أحوال:
أحدهما: أن يقصدوا بحجز المنجنيق هدم جدار فيعترضه فيصيبه فهذا خطأ محض، تجب الدية على عواقلهم مخففة بينهم بالسوية، فإذا كانوا عشرة تحمل عاقلة كل واحد منهم عشر ديته.
والحال الثانية: أن يقصدوا قتله بعينه فينفقوا على اعتماده، فهؤلاء عمد على جميعهم القود.